رأي

د/ مصطفى أحمد جابر يكتب.. السندات الكربونية

قبل الدخول إلى الناحية الاقتصادية للسندات الكربونية لابد من استعراض كيف كانت البداية، حيث عام 2020 كانت نقطة التحول عندما أعلنت مصر إصدار سندات خضراء مدتها خمس سنوات بمبلغ 500 مليون دولار بسعر فائدة قدرة 5.75%، وتجاوز حجم الاكتتاب قيمة السندات سبع مرات، مما دفع الحكومة إلى زيادة إجمالي قيمتها إلى 750 مليون دولار، وخفض سعر الفائدة 2.25% أقل من السندات التقليدية، وكان الهدف المرجو من السندات الخضراء إيجاد حلول مالية لتلبية الحاجة الملحة إلى استثمارات مستدامة بيئية ومن ثم رفع كفاءة استخدام الطاقة الأحفورية والتحول للطاقة المتجددة والنظيفة في مختلف القطاعات ومكافحة التلوث مع التكيف مع المناخ ويأتي ذلك تماشياً مع رؤية مصر التي استهدفت زيادة نسبة المشروعات الخضراء في الموازنة الاستثمارية للحكومة 2020 وصولاً إلى 50% 2025 انتهاء 100% 2030م، وبدت السندات الكربونية في ضوء إعلان السيد رئيس الوزراء عن إطلاق أول سوق إفريقي طوعي لإصدار وتداول شهادات الكربون، وذلك على هامش فعاليات قمة المناخ كوب 27 بشرم الشيخ وتزامناً مع إصدار القرار رقم 4664 لسنة 2022 والخاصة بإنشاء سوق طوعية لتداول “شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالبورصة المصرية”.

شهادات الكربون (كفكرة ومبادرة) اتخذت بعض جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني على عاتقها الترويج للفكرة والمبادرة القائمة على الاستعداد ورفع الوعي لتداول شهادات الكربون التي تعتبر أوراقا مالية قابلة للتداول بالبورصة، وذلك لجميع المؤسسات والمصانع وغيرها كجزء من الاستعداد لتطبيق اللائحة التنفيذية لذلك، وخاصة المصانع والمؤسسات ذات الانبعاثات الكربونية العالية، وتعتبر جمعية عين البيئة من أكبر الجمعيات الراعية للمبادرة.

اللائحة القانونية والتنفيذية حددت المادة (35 مكرر 7) من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال: تنشأ بالبورصة المصرية سوق طوعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، وتعد تلك الشهادات أدوات مالية قابلة للتداول، ويقصد بها وحدات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وتصدر لصالح أية جهة تنفذ مشروعات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بعد الحصول على موافقة الجهات المعنية ذات الاختصاص، وتمثل كل “وحدة” طنا من ثاني أكسيد الكربون المكافئ تم تخفيضه، وتلتزم كافة الجهات الحكومية وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص وكافة مطوري المشروعات بإخطار الهيئة ووزارة البيئة بجميع المشروعات التي سوف يصدر لها شهادات خفض الانبعاثات الكربونية.

التلوث الكربوني وينتج نتيجة انبعاثات أكاسيد الكربون التي تمثل حوالي ثلثي الانبعاثات من الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى المسؤولة عن تغير المناخ من احتراق الوقود الأحفوري أو الهيدروكربوني (فحم – بترول – غاز طبيعي) وهو ما يسمى بالتلوث الكربوني.

البصمة الكربونية Carbon Foot Print هو مؤشر يتم من خلاله التعبير عن كمية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي والفحم الجيري) المستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية ووسائل النقل والأنشطة الصناعية وغالباً ما يعبر عنها بوحدة الطن/ عام.

الائتمان الكربوني هو رصيد يسمح لشركة ما بإصدار كمية معينة من الغازات الدفيئة وكل وحدة ائتمانية تسمح بانبعاثات طن واحد من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله من الغازات الدفيئة الأخرى، حيث تحصل الشركات على عدد محدد من الأرصدة الائتمانية.

تسعير الكربون يعتبر إحدى الأدوات التي تسهم في التحول الأخضر وتقليل الانبعاثات الكربونية وتتيح شهادات الكربون لأحد الأطراف بيع فائضه الكربوني لطرف آخر يحتاج هذا الفائض لأنه ينتج أكثر من الحد المسموح له ويجرى تداول هذه الشهادات الكربونية في بعض الدول على غرار شراء وبيع الأسهم والسندات المالية.

نظم ومناهج الحد من الانبعاثات الكربونية يعرف النظام الأول بالحد الأقصى والمتاجرة أو السقف والتبادل Cap and Trade وهو نظام لتسعير الكربون يتضمن وضع حد أقصى للانبعاثات المسموح بها ويسمح للشركات صاحبة الانبعاثات المرتفعة أن تشتري حصة من انبعاثات الشركات صاحبة الانبعاثات الأقل عن الحد الأقصى المسموح به.

أما النظام الثاني فيسمى بضريبة الكربون وهو رسم بيئي تفرضه الحكومات على توزيع الإنتاج أو استخدام الوقود الأحفوري ويعتمد سعر الضريبة على كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من الوقود فتحدد الحكومة سعراً لكل طن من الكربون ثم تحوله إلى ضريبة على الكهرباء أو المنتجات البترولية أو الغاز الطبيعي.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى