إدريس أحميد يكتب.. دول المغرب العربي واكراهات الهجرة غير النظامية
تعاني دول المغرب العربي من ظاهرة الهجرة الغير نظامية و التي جعلتها مركز عبور ونقطة انطلاق نحو أوروبا ، للقادمين من الدول الافريقيه و جنوب الصحراء وما وراءها.
برزت الهجرة في نهاية التسعينات واصبحت ظاهرة لدول العبور ، ودول الاستقرار النهائي في أوروبا .
من الواضح بأن الهجرة غير النظامية تُعتبر تجارة دولية تمتهنها شبكات عالمية اجرامية غير قانونية.
تستفيد من تهريب المهاجرين عبر الحدود، مما يؤدي إلى إنشاء شبكات معقدة تشمل تجار البشر والمهربين.
هذه الشبكات تستغل ضعف المهاجرين وغالبًا ما تعرضهم لمخاطر كبيرة، بما في ذلك الاستغلال وسوء المعاملة.
التجارة غير القانونية المرتبطة بالهجرة غير الشرعية تعتبر مشكلة عالمية تتطلب تعاونًا دوليًا لحلها والحد منها.
((تصنيف المهاجرين ))
هناك نوعان من المهاجرين :
1- مهاجرين من بلدانهم من أجل الاستقرار والعمل في دول العبور ويعدون لبلدانهم بين الحين والآخر، وتحديدا مهاجري النيجر وتشاد ومالي .
2- مهاجرين يستقرون في دول العبور لفترة مؤقتة ،و يعملون لجمع الاموال التي يدفعونها مقابل نقلهم إلى أوروبا، هؤلاء من دول نيجيريا وغانا وساحل العاج والكاميرون واثيوبيا و ارتريا والصومال ومن دول آسيوية ودول عربية من سوريا واليمن ، تونس وليبيا ومصر والجزائر والمغرب .
((اسباب الهجرة ))
لا يعقل ان يترك مواطن بلده وأهله لو توفرت ابسط أسس الحياة الكريمة ، فالدول الأفريقية غنية وتمتلك الثروات التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي .
وعلى الرغم من استقلال الدول الأفريقية، إلا أن ذلك الاستقلال غير مكتمل بسبب سياسات التبعية للدول التي كانت تستعمرها ، في ظل سيطرة الشركات الاحتكارية على مقدراتها .
وفي ظل أنظمة دكتاتورية حكمت شعوبها لمدة نصف قرن ، مقابل ارتهان خيرات بلدانهم وقد شهدت إفريقيا انقلابات وتوتر علاقات الأنظمة التي رفضت الهيمنة الاستعمارية ، و وضعها في قائمة العقوبات واتهامها بالدكتاتورية وانتهاك حقوق الإنسان!.
الهجرة غير الشرعية تُعتبر بالفعل نشاطًا يساهم في تجارة دولية غير قانونية. العديد من المنظمات الإجرامية تستفيد من تهريب المهاجرين عبر الحدود، مما يؤدي إلى إنشاء شبكات معقدة تشمل تجار البشر والمهربين. هذه الشبكات تستغل ضعف المهاجرين وغالبًا ما تعرضهم لمخاطر كبيرة، بما في ذلك الاستغلال وسوء المعاملة. التجارة غير القانونية المرتبطة بالهجرة غير الشرعية تعتبر مشكلة عالمية تتطلب تعاونًا دوليًا لحلها والحد منها
لهذه الأسباب:
1- الصراعات والحروب والنزاعات المسلحة التي تؤدي إلى تهجير السكان بحثًا عن الأمان.
2 – القمع السياسي والأنظمة الدكتاتورية تدفع الأفراد للهروب بحثًا عن الحرية والديمقراطية.
3 – قوانين اللجوء والهجرة في بعض الأحيان، تكون غير كافية أو غير فعالة في مواجهة التحديات المعاصرة المتعلقة بالهجرة.الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية
هذه الأسباب تجعل من الصعب على الدول السيطرة على الهجرة غير النظامية وتتطلب حلاً شاملاً يتضمن التعاون الدولي والتعامل مع الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة
((الإجراءات الدولية لمواجهة الهجرة غير القانونية))
اتخذت إجراءات شملت مجموعة من الاستراتيجيات والسياسات التي تهدف إلى مكافحة هذه الظاهرة وحماية حقوق المهاجرين ، لكن المشكلة في التطبيق والالتزام ، كالقرارات الدولية في مختلف المجالات ومنها:
1- مؤتمر مراكش بشأن الهجرة في 2018 ،اول اتفاق حكومي دولي المتكون من ” 23 ” هدفا للاجراءات التي تتخذها الدول من أجل تعزيز إدارة الهجرة الآمنة وضمان حقوق المهاجرين ، بصرف النظر عن أوضاعهم .
2- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم عام (1990)
والتي تهدف إلى حماية حقوق الإنسان لجميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، بغض النظر عن وضعهم القانوني.
3 – البروتوكول الخاص بمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو عام (2000) ، ويعرف أيضا ببروتوكول باليرمو، ويهدف إلى منع تهريب المهاجرين ومعاقبة المسؤولين عنه، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
4 – الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين عام (1951) والبروتوكول الخاص بوضع اللاجئين (1967) ، الذي يحدد
حقوق اللاجئين والمسؤوليات القانونية للدول تجاههم، وتشمل بعض القضايا المتعلقة بالهجرة غير النظامية.
((المؤتمرات الدولية للهجرة ))
استضافت دول المغرب العربي عدة مؤتمرات دولية مهمة تتعلق بالهجرة منها :
1- المنتدى العالمي للهجرة والتنمية في مراكش 2018 ، المغرب
وشارك فيه ممثلون من مختلف الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. ناقش المنتدى سبل تعزيز التعاون الدولي بشأن الهجرة والتنمية، وتم فيه اعتماد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.
2 – المؤتمر الدولي حول الهجرة في تونس (2017)
وركز على قضايا الهجرة غير النظامية، وحقوق المهاجرين، والتعاون الإقليمي بين دول المغرب العربي والاتحاد الأوروبي. تناول المؤتمر أيضاً سبل تعزيز الحماية والدعم للمهاجرين واللاجئين.
3 -المؤتمر الإقليمي حول الهجرة وحقوق الإنسان في الجزائر (2016)
وناقش التحديات التي تواجهها دول المغرب العربي في التعامل مع تدفقات المهاجرين واللاجئين. ركز المؤتمر على حماية حقوق الإنسان للمهاجرين وتعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة الهجرة غير النظامية.
4- منتدى الرباط حول الهجرة والتنمية (2006)
وضم دولاً من غرب أفريقيا وأوروبا. هدف المنتدى إلى تعزيز الحوار والتعاون بين البلدان المصدرة والمستقبلة للمهاجرين، وتطوير سياسات للهجرة تعود بالنفع على جميع الأطراف.
5 – المؤتمر الافريقي الاوروبي فى بنغازي مايو 2024 م ، الذي نظمته الحكومة الليبية ، وتم الاتفاق على انشاء صندوق تنمية إفريقيا ومرصد افرو – أوروبي إضافة إلى إنشاء الوكالة الأورو – إفريقية للتشغيل، كإطار للتعاون واستقطاب العمالة يكون مقرها بروكسل .
((اجراءات الاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجرة ))
يمثل الاتحاد الأوروبي الوجهة الاولي للهجرة النظامية وغير النظامية ، ليس من الدول الأفريقية فحسب بل من مختلف دول العالم ، بما فيه دول أوروبا الشرقية .
وقد اتخذت عدة إجراءات لمواجهة الهجرة غير النظامية ، من خلال التعاون بين دول المغرب العربي وأوروبا بشأن الهجرة غير النظامية ، حيث وقعت اتفاقيات ثنائية بين دول شمال إفريقيا والدول الأوروبية، فيما يتعلق بالتعاون لمكافحة الهجرة الغير نظامية .
لقد شد قادة الاتحاد الأوروبي الرحال، إلى تونس وليبيا وفي مقدمتهم رئيس الحكومة الايطالية ” جورجيا ميلوني” ،في محاولة للتعاون لوقف الهجرة ، التي تنطلق من ليييا وتونس التي أصبحت تونس في المرتبة الأولى التي ينطلق منها المهاجرين بعد ليبيا، حيث ازداد أعدادهم، وعرضت تقديم مساعدات ودعم مالي ، مقابل إيقاف الهجرة بل الطلب من الدول استقبال المهاجرين وتوطينهم، وهذا مارفضته البلدين ،ومن الملاحظ بأن السلطات التونسية تبذل في مجهودات ، ساهمت في التقليل من الهجرة .
اما ليبيا التي تشهد عدم استقرار مابعد 2011 ، بعدما وقعت معاهدة في 30 أغسطس 2008 تلتزم بموجبها بتقديم دعم مالي يناهز 5 مليارات دولار خلال خمسة وعشرين عاماً، على شكل استثمارات في البنية التحتية، وذلك مقابل قيام الليبيين بالعمل على وقف الهجرة.
وتعهدت إيطاليا على تفعيلها في عام 2017 ، ولم تلتزم إيطاليا بسبب ضعف مطالبة الحكومات الليبية بضرورة التنفيذ .
وقعت الجزائر وإيطاليا في عام 1999 ، اتفاقية أمنية جديدة للتعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة الإلكترونية والاتجار بالبشر، إلى جانب التصدي للهجرة غير النظامية .
تمثل المغرب نقطة عبور رئيسية للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الراغبين في الوصول إلى أوروبا. نظراً لموقعها الجغرافي القريب من أوروبا ووجود حدود مشتركة مع مدينتي سبتة ومليلية الإسبانيتين، يعد المغرب محطة أساسية في مسار الهجرة غير النظامية. كما أن المغرب يتبنى سياسات خاصة بالهجرة، مثل تسوية أوضاع المهاجرين وتوفير بعض الخدمات لهم، وهو ما يجعله أيضاً وجهة نهائية لبعض المهاجرين ،وترتبط المغرب بشراكه مع الاتحاد
الأوروبي، وتعاون في مختلف المجالات الأمنية وتبادل المعلومات ، ومراقبة الحدود وتقديم الدعم المالي والتقني لتحسين قدرات المغرب لمواجهة تدفق المهاجرين .
(( معاناة دول العبور من الهجرة ))
تواجه دول العبور معاناة كبيرة بسبب الامواج البشرية القادمة بين مهاجري الاستقرار ومهاجري العبور إلى أوروبا،
لقد سببت الهجرة الي ليبيا وتونس العديد من المشاكل الاتي :
1- تواجد اعداد كبيرة في كافة المدن ، مما يؤثر على الديمغرافية، وممارسة البعض منهم اعمال تخريبية كما حدث في تونس ، مما يعد مخالف للقانون وأهم تواجدهم الغير قانوني، مما يجعلهم يدعون انتهاك لحقوقهم اثناء اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم .
2- سيطرت العمالة الوافدة المهاجر منها على سوق العمل في ليبيا ، بالمخالفة للقوانين العمل، وممارسة البعض منهم أعمال ممنوعة.
3 – انتشار الأمراض التي يحملونه في ظل عدم وجود إجراءات تأمين صحي .
((نتائج الاتفاقيات الأوروبية
أوروبا مع دول المغرب العربي ))
بشكل عام، يمكن القول إن الاتفاقيات ساعدت في إدارة وتخفيف الأزمة، لكنها لم تنجح بعد في القضاء على الهجرة غير النظامية بشكل كامل ، لان الاتفاقيات التي وُقِّعت بين الاتحاد الأوروبي ودول العبور كانت لها تأثيرات متفاوتة، ويمكن تقييم نجاحها بالنظر إلى عدة جوانب:
1 – قللت عدد الوافدين في بعض الحالات، مثل الاتفاقية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في عام 2016، أدى التعاون إلى تقليل عدد المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى أوروبا. هذا الاتفاق تحديدًا ساعد في خفض تدفقات المهاجرين عبر بحر إيجه بشكل كبير.
2 – بعض الاتفاقيات تشمل مساعدات مالية ودعمًا لتحسين ظروف اللاجئين والمهاجرين في دول العبور، مما يساعد على تقليل دوافع للهجرة.
3 – الاتفاقيات غالبًا ما تتضمن تعزيز قدرات دول العبور على مراقبة الحدود ومنع عمليات التهريب، وهذا أدى إلى بعض النجاح في تقليل التدفقات غير القانونية.
ومع ذلك، هناك تحديات ومشاكل مستمرة اهمها :
1- انتهاكات حقوق الإنسان هناك تقارير تشير إلى أن بعض الاتفاقيات أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للمهاجرين في دول العبور، حيث يتم احتجازهم في ظروف سيئة أو إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية دون معالجة طلبات اللجوء بشكل عادل.
2- بعض دول العبور تعاني من عدم الاستقرار السياسي أو الأمني، مما يجعل تنفيذ الاتفاقيات صعبًا وغير مستدام على المدى الطويل.
3 – ظاهرة التهريب والهجرة غير النظامية مستمرة على الرغم من تقليل الأعداد في بعض المسارات، فإن المهاجرين والمهربين غالبًا ما يجدون مسارات بديلة، مما يعني أن التحدي لا يزال قائمًا.
بالتالي، يمكن القول إن الاتفاقيات حققت بعض النجاح في تقليل تدفقات الهجرة غير النظامية وتحسين المراقبة، لكنها لم تحل المشكلة بشكل جذري أو مستدام وتواجه العديد من التحديات الإنسانية والأخلاقية.
وهذا لا يعني بأن دول الاتحاد الأوروبي لا تحتاج إلى المهاجرين النظاميين ، ولكنها وضعت قوانين وتشريعات تنظم الهجرة والإقامة ، من اجل أسباب متعددةا و النقص في القوى العاملة ، بسبب الشيخوخة السكانية ، حيث تزايد نسبة كبار السن مما يتطلب وجود شباب في مختلف مجالات العمل ، والتنوع الثقافي من أجل الانفتاح ،وخلق تنوع ديموغرافي وتحقيق توازن بين الاجيال .
وتبقي ظاهرة الهجرة غير نظامية ، اهم التحديات التي توجه دول المنشئ ودول العبور ودول الإقامة النهائية ، في ظل صعوبة إجراءات الهجرة النظامية
عدم الاستقرار بسبب الصراع والحروب والتنافس الدولي بين الكبار !
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب