رأي

خالد العيسوي يكتب.. العراق أوكرانيا مسئولية الحرب

 الكاتب صحفي مصري متخصص في الشؤون العربية.. خاص منصة العرب الرقمية

منذ أكثر من 3 شهور أشعر بأن أجواء عام 2003 تعود مرة أخرى إلى الساحة الدولية بعد قرابة 20 عاما منذ أن تزعمت أمريكا وأوروبا الغزو ضد العراق بحجة امتلاكه أسلحة نووية، وتحت ذريعة أنه يمثل تهديدا لجيرانه كما حدث في غزوه للكويت عام 1990.

في مارس 2003 بدأت مرحلة الغزو الدولي للعراق عبر الجو والبر فيما أطلق عليه حينها معركة الحواسم أو حرب الخليج الثالثة بمشاركة قوات مشتركة من القوات الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا وبولندا وغيرها تحت ذريعة حماية العراقيين من حكم الرئيس الراحل صدام حسين، وبالتأكيد طبعا العراق وقتها لم يكن دولة في حلف الناتو ولا حلف أوروبي ولا عضوا في الاتحاد الأوروبي، ولا هذا ولا ذلك، وإنما فقط دولة عربية قوية كانت محل تقدير عسكري عال بين الأشقاء العرب، وكانت ذراعا قويا ضد تهديدات إسرائيل للمنطقة وإيران أيضا، ولكن للأسف كان التخطيط الأمريكي الأوروبي تدمير هذا الجيش العراقي العربي حتى لا يكون مصدر قلق وتوتر لإسرائيل. ولم تستغرق الحرب ضد العراق سوى 26 يوما من القصف والتدمير والخراب طال الشجر والحجر والإنسان دون وضع أي اعتبار لسيادة دولة ولا حرمة مواطن ولا قيم إنسانية، بل كانت الانتهاكات ترتكب ليل نهار وعلى شاشات التلفاز دون أن تتحرك تلك الدول التي الآن نشهدها وكأنها صف واحد ضد روسيا من أجل أوكرانيا، لم تتحرك هذه الدول خلال الأزمة العراقية إلا عن طريق البارود وتجربة الأسلحة الفتاكة ضد المدنيين العرب بحجة حمايتهم.

وبعد هذه السنوات من الغزو الدولي للعراق باتت بلاد الرافدين بلدا متشظيا وغير مستقر سياسيا، وأضعفه الصراع الطائفي الذي أفضى إلى ظهور جماعات متشددة، من بينها تنظيم داعش الإرهابي فيما لم يعم الأمن والاستقرار للعراق أو شعبه أو المنطقة منذ هذا الغزو، والذي تأكد لمن قام بالتجهيز له وتنفيذه أنهم أخطأوا في حق العراقيين والإنسانية.

خالد العيسوي: العراق أوكرانيا

واليوم يبدو أن المشهد يتكرر بشكل جديد، ولكن هذه المرة مع دولة كبيرة وتمثل تحديا حقيقيا لأمريكا ومن يدور في فلكها.. روسيا أو الاتحاد الروسي، فمنذ أن جاء الرئيس فلاديمير بوتين إلى الحكم، بل ومنذ أن عمل بمنصب الرئيس بالنيابة من عام 1999 إلى عام 2000 خلفا لبوريس يلتسين الذي قدم استقالته وهو يفكر بين جدار الكرملين كيف يمكن أن يعود الاتحاد السوفيتي كسابق عهده. ويبدو أن الرجل استمر خلال أكثر من 20 عاما يحلم بهذه الخطوة وكيف تبدأ وإلى أين تنتهي وما الصعوبات والتحديات التي ستكون في طريقها للتنفيذ، ولكن الحقيقة أن الأمر لم يسر بهذه الطريقة، حيث عاد مشهد العراق مرة أخرى من خلال الصف الأمريكي الأوروبي ضد روسيا، ولكن دون تحرك فعلي، الولايات المتحدة وأوروبا تحركت ضد روسيا عبر شاشات التلفاز فقط وعبر الإدانات والشجب والعقوبات التي تتعرض لها روسيا وإيران وكوريا الشمالية منذ سنوات وما زالت هذه الدول حية ترزق دون أضرار مثل التي سببتها أمريكا والغرب في العراق وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان التي تدفع ثمن شعارات كاذبة نحو الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة الدول واحترام الشعوب.. كلمات رنانة دون معان أو بالأدق.. معان مختلفة تمارس حسبما ترى هذه الدول حلفاء أمريكا.. فقد بدأ الحلف منذ شهور الحديث عن تهديدات روسية لأوكرانيا.. وحرب روسية ضد أوكرانيا.. روسيا تستعد لخوض حرب ضد أوكرانيا… الاعتداء على أوكرانيا اعتداء على الحرية والديمقراطية وعلى شعوب المنطقة.. وحينما تحدثت معهم روسيا بأنها تريد أمانا وضمانات أمنية لها بسبب رغبة أوكرانيا الانضمام لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.. لم يستمع أحد، بل استمروا في خداعهم للرأي العام بأن روسيا تريد الحرب.. روسيا تريد العدوان.. وحينما شعرت روسيا بأن الحرب تقترب، أشعلت فتيلة هي حتى تكون مستعدة منذ البداية.. وعقب خوض الحرب تركوا أوكرانيا وحدها في الميدان بعد تورطها، وتسابقوا إلى المؤتمرات الصحفية للإعلان عن الإدانة والشجب والعقوبات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، يتجرعها المواطن الأوكراني بسبب رئيسه الذي كان يسعى لأن يكون جزءا من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو ليجعل أوكرانيا التاريخية جزءا من الولايات المتحدة وأوروبا.. ويبدو أن الحرب مستمرة والصراع سيطول والخسائر قادمة.. والقادم أسوأ.. لأنه من يتحمل مسئولية الحروب.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى