تقدير موقف

باحث سياسي: اقتراح تولي المجلس الرئاسي للسلطة يفتح الباب لأزمة دستورية 

قال الكاتب الصحفي والباحث السياسي في الشأن الليبي “أحمد عرابي” إن المجلس الرئاسي وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع التظاهرات الشعبية والغضب المتتالي في الشارع والمطالب بإنهاء المليشيات وكافة الأجسام السياسية ، بعد أن منحت تظاهرات حاشدة في مدن الغرب الليبي مهلة لاستلام السلطة التنفيذية من حكومة الوحدة ورئيسها “عبد الحميد الدبيبة” حيث اتهم المتظاهرين إياها بالفشل في إدارة المرحلة الانتقالية الحالية، واستمرار الفوضى الأمنية في البلاد، وتعطيل المسار الانتخابي، حيث بدا المشهد أكثر تعقيداً مما يبدو عليه والوضع الحالي، ففي ليبيا تتعدد الشرعيات فيها وتتشابك فيها المصالح بين قادة الميليشيات والسياسيين، فإن مجرد طرح فكرة تولي المجلس الرئاسي للسلطة قد يفتح الباب على أزمة دستورية وصراع داخلي ودولي وإقليمي.

اقرأ أيضا: أحمد عرابي: تغير سياسيات واشنطن إتجاه ليبيا

وأوضح عرابي إن المتظاهرين رفعوا شعارات عدة منها شعار لا للتمديد لحكومة الدبيبة وأيدوا إجراء الانتخابات في دعوة صريحة للمجلس الرئاسي لتحمّل مسؤوليته التاريخية وتولي السلطة التنفيذية كخطوة أولى، مطالبين بمرحلة انتقالية مؤقتة تنتهي بحد أقصى في شهر يوليو من العام القادم فالمظاهرات التي خرجت على مدار أسبوعين امتدت لتشمل العاصمة طرابلس الكبرى والمدن الغربية، إلى جانب مشاركين من الجنوب والمنطقة الوسطى، بهدف إنهاء وجود المليشيات المسلحة وكافة الأجسام السياسية الحالية، ودعوة المجلس الرئاسي لاتخاذ قرار يقود البلاد نحو الاستقرار، تمهيدًا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ودستور دائم للبلاد، فالمحتجين طالبوا بوقف عمل حكومة الدبيبة وتكليف حكومة جديدة، أو أن يتولى المجلس الرئاسي بنفسه إدارة المرحلة الحالية معتبراً إن المطالب مرحلية، وتتناسب مع مقتضيات اللحظة، مشددًا على استمرار الحراك الشعبي وتصعيده في حال عدم الاستجابة، حتى الوصول إلى العصيان المدني الشامل في كافة المدن بالمنطقة الغربية.

ومن جانب آخر، يرى الكاتب السياسي إن المجلس الرئاسي قد يفتقر إلى الأسس السياسية والقانونية والعملية اللازمة لقيادة المرحلة، وأن المجلس الرئاسي جاء من نفس القائمة التي أنتجت حكومة الوحدة الوطنية، ولا يمتلك أية من أدوات الفعل التنفيذي على الأرض، وأن تحميل المجلس الرئاسي مسؤولية التغيير دون منحه أدوات التنفيذ قد يؤدي إلى مزيد من الإحباط الشعبي والانقسام السياسي، معتبرًا أن الحل يكمن في خارطة طريق جديدة شاملة تبدأ من إسقاط الحكومة، وتنتهي بالإعداد لانتخابات نزيهة وشفافة تحت إشراف وطني ودولي مستقل لضمان استقلاليتها ونجاحها.
عرابي أكد إن المظاهرات التي خرجت في العاصمة طرابلس قد عبّرت عن مطلب شعبي واضح بإنهاء حكم الميليشيات المسلحة التي خارج سلطة الدولة، وتوحيد السلطة التنفيذية، لكنه أشار إلى أن تداخل الاختصاصات بين السلطات التنفيذية والتشريعية يعقّد في الموقف الحالي، إلى أن المجلس الرئاسي لا يملك صلاحيات تشريعية، ولا يستطيع تنفيذ التغييرات الحقيقية في العاصمة طرابلس، حيث لا تزال السلطة الفعلية بيد حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها عبدالحميد الدبيبة، ومن مهام الرئاسي أيضا، إطلاق مسار المصالحة الوطنية وتشكيل مفوضية وطنية عليا، كما يمتلك المجلس الرئاسي صلاحية حصرية في تعيين أو إقالة شاغلي المناصب السيادية الحساسة، بما في ذلك رئيس جهاز المخابرات العامة ورئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا، وكذلك رؤساء الأجهزة التابعة لرئاسة الدولة.
هذا وأكد رئيس المجلس الرئاسي ” محمد المنفي” تعليقا على التظاهرات التي شهدتها العاصمة طرابلس، أن الرهان الحقيقي كان ولا يزال على الاستماع لرأي الشعب لتحقيق التغيير الإيجابي، وقال المنفي في بيان مقتضب له “نفخر بالمشهد الوطني الحضاري الذي قدمه أبناء شعبنا في العاصمة، عبر العودة لحق التعبير السلمي والمسؤول عن تطلعاتهم”، مشيدا بما وصفه بالوعي الوطني الذي يميز الحراك الشعبي في هذه المرحلة الدقيقة ، كما ثمن المنفي دور المؤسسات الأمنية التي عملت على تأمين المظاهرات، مؤكدا أن صون حق التظاهر السلمي مسؤولية وطنية، وأن الرهان الحقيقي كان ولا يزال على الاستماع لرأي الشعب بكافة الوسائل لتحقيق التغيير الإيجابي.
وقال عرابي إن هذه التظاهرات تعد من أوسع التحركات الشعبية التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس منذ سنوات، في مؤشر على اتساع رقعة الغضب الشعبي وفقدان الثقة في المسارات السياسية التقليدية المنتهية الولاية، وسط مطالبات محلية ودولية بضرورة تبني حلول جذرية وسريعة تنطلق من إرادة الشعب الليبي وتمهد لمرحلة جديدة قوامها الشرعية الشعبية والدستورية في أسرع وقت.

بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك  وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى