من أطروحات ومعالجات الشرفاء الحمادي.. تكافل وكرامة مشروع عظيم لتآلف القلوب.. والزكاة نوع من الجهاد.. والقرآن يدعونا لمكافحة الفقر وسد حوائج الناس بالإنفاق
أطروحات ومعالجات مختصرة جديدة من أفكار الشرفاء الحمادي تأتيكم عبر منصة (مركز العرب 2030) للأبحاث والدراسات - فقط وحصريا كل ثلاثاء
الملخص
في طرح اليوم طالب المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي بتفعيل التكافل الاجتماعي، لأنه من أهم مبادئ الإسلام، والقرآن الكريم يحثنا دائما على الإنفاق لأنه يخلق المودة والحب ويؤلف القلوب، وتحدث عن اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بهذا الجانب عندما دشن مشروع تكافل وكرامة ليصبح من أهم المشروعات الوطنية في مصر، فهذا المشروع يحقق ما نادى به الإسلام، ويخلق مجتمعا مترابطا متماسكا بفضل هذا العمل، فالإنفاق والتصدق ومراعاة الفقراء يقول عنها الشرفاء الحمادي في كتاب (الزكاة) إنها نوع من الجهاد. ومكافحة الفقر، وسد حوائج الناس، والصدقة، والقرض الحسن، حث عليها القرآن الكريم في آيات كثيرة، لذلك يعد كتاب الزكاة طرحا مهما، والمعالجات التي جاءت فيه لها أهمية كبيرة في التطبيق، لأنها تؤلف القلوب وتجعل المجتمع متماسكا.
التفاصيل
يؤكد المفكر العربي الكبير في كتاب (الزكاة) على عدد من الركائز المهمة، تلك الركائز ذكرت صراحة في القرآن الكريم لتحقق هدفاً محوريًا وهامًا، ألا وهو إرساء قاعدة التكافل الاجتماعي في أقوى صوره، وكان تعبير الخطاب الإلهي في ذلك بعبارة الإنفاق في سبيل الله، فالإنفاق هو نوع من الجهاد، وعليه يُعد سعي الأمة للتكافل فيما بينها جهادًا في الله وسعيًا إلى مرضاته، وفي ذلك يقول الله تعالى في محكم آياته: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 261).
ركائز الزكاة في فكر الشرفاء
ويكمل الكاتب في تفاصيل طرحه ومعالجته لقضية الإنفاق بأن الركائز الأساسية للزكاة تتمثل في (5) محاور رئيسية، يأتي الالتزام بها في صميم الالتزام بالمبادئ الإلهية التي وردت في القرآن الكريم، وهي:
فرضية الزكاة
أولا: الزكاة فرض إلهي على أرباح أصحاب الأموال، وهي فرض عين كما قال الله في كتابه العزيز (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) لذلك تعتبر الزكاة حقا معلوما.
حق معلوم
ثانيا: حدد الله سبحانه في قرآنه العظيم نسبة الحق المعلوم في الأموال، وهي كما قال الله سبحانه (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)، هذه الآية حددت نسبة عشرين في المائة من الأرباح والغنيمة، تفسر في اللغة العربية بأرباح المال، أو ما أضافه الإنسان إلى أصل ماله ربحًا إضافيًا يستحق عليه دفع الزكاة بالنسبة المذكورة أعلاه.
20% من الأرباح
ثالثاً: لقد فرض الله الإنفاق من المال لحساب الزكاة، على أن تخصم من الأرباح، بحيث تُخصم منها العشرون في المائة، وتبقى ثمانون في المائة لصاحب المال، وبما أن الله هو الرزاق، وقد استخلف الإنسان على ما رزقه من مال، أمانة عنده لله للصرف على متطلباته، أمر الله الإنسان أن يخصص عشرين في المائة من أرباحه، ويعتبرها قرضًا لله سيضاعفه لدافع الزكاة أضعافًا مضاعفة، تأكيدًا لقول الله سبحانه (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة: ٢٤٥).
قرض حسن
فهل يستكثر الإنسان على الله قرضًا حسنًا، وهو الذي خلق الإنسان، ومنحه الصحة، ورزقه من المال، وأن يدفع ما عليه من الأرباح الصافية ما نسبته عشرون في المائة. فهل ينسى كرم الله عليه، ولا يستجيب لأمر الله الذي ترك له أغلبية الربح ثمانين في المائة، ويتغاضى عن حق الله فيما نسبته عشرون في المائة؟
طبيات ما كسبتم
رابعا: للتأكيد على أن الإنفاق لحق الزكاة من الأرباح فقد أمر الله سبحانه مخاطبًا عباده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ).
الزكاة وصافي الربح
خامساً: مدة استحقاق الزكاة، وهي أنه طالما أن استحقاق الزكاة مرتبط بالربح الصافي، فيعني ذلك أن استحقاق الزكاة مرتبط باستلام الأرباح الصافية في أي وقت، وليس مرتبطا بزمن معين، حتى لو تحقق للإنسان مكاسب الأرباح كل يوم، فعليه أداء استحقاق الزكاة كل يوم، وعلى ذلك يتم توفير الحياة الكريمة لكل أفراد المجتمع، وذلك هو العدل الذي أمر الله المسلمين أن يطبقوه حتى تختفي الحاجة من المجتمع، ويزول الحقد والحسد بين الناس، ليبارك الله لهم فيما رزق ويزيدهم من نعمه وتتنزل عليهم بركاته.
الالتزام بمنهج الله
في النهاية أقول، إن المسلمين لو التزموا بتنفيذ شريعة الله في كتابه المبين فلن يبقى محتاج، ولا فقير، ولا مسكين، ولا مريض يبحث عن الدواء، ولا أسرة تجوع وتبحث عن الغذاء، ولأصبح المجتمع كله يعيش حياة كريمة، ولكن الذين شوهوا شريعة الله، وارتكبوا ذنوبًا، بتأليف شريعة بشرية صاحبها الهوى والطمع والنفس الأمارة بالسوء حرمت أصحاب الحق في أموال الأغنياء من مال الله؛ ليعينهم على الحياة، دون أن يمدوا أيديهم بالسؤال؛ لذلك قال الله سبحانه (إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ) ذلك هو المعيار الحق للمؤمن والمستيقن بوعد الله بمضاعفة أمواله إذا التزم بحق الله، وهو نسبة العشرين في المائة من أرباحه، ولا يستكثر على الله قرضًا حسنًا، رغم أن الله سبحانه هو المالك لكل شيء، كما قال الله مخاطبًا رسوله الأمين (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26).
شركاء الأغنياء
إن ما ذكرته الآيات المذكورة أعلاه تؤكد حقيقة إلهية لا تقبل الشك بأن الفقراء وأبناء السبيل والمحتاجين وكافة المذكورين في القرآن الحكيم المستحقين للزكاة يصبحون شركاء في مكاسب الأغنياء الصافية بنسبة عشرين في المائة من الأرباح، فمن صدق الله في إيمانه فسيطبق ما أمر الله المسلم في قرآنه.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب
**********
تعريف بالكاتب
شغل المفكر العربي الكبير الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي، منصب المدير الأسبق لديوان الرئاسة بدولة الإمارات العربية، ورئيس مؤسسة رسالة السلام العالمية، الكاتب لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وينفذ مشروعا عربيا لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب والعنف الذي يُمَارَس باِسم الدين، وقدم الكاتب للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني وانعكاسه على الواقع العربي.