د. أيمن إبراهيم الرقب يكتب.. في ظلال مؤتمر القدس
أنهى الاتحاد الإفريقي اجتماعه بعد افتتاح صاخب شهد طرد الوفد الإسرائيلي الذي أصر على حضور القمة دون دعوة حسب كل البيانات التي صدرت بعد ذلك، وقد تضمن البيان الختامي ما يؤكد على الدعم الإفريقي الواضح للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة من خلال التأكيد على الدعم الإفريقي للتوجه الفلسطيني لمجلس الأمن من أجل الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة وحق الشعب في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وهذا الموقف جاء ليؤكد على كلمات الرئيس أبو مازن والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك الأردني عبدالله الثاني الذين طالبوا في كلماتهم المجتمع الدولي بضرورة التحرك لحماية حل الدولتين ودعم الحراك الفلسطيني من أجل الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ودعوة الطرف الإسرائيلي لعودة المفاوضات والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة وعاصمتها القدس.
مؤتمر القدس الذي عقد بناء على قرار من القمة العربية في الجزائر لم يضع آليات لتحقيق الشق السياسي من بيانه والذي اشتمل على ضرورة إحياء حل الدولتين، ولم يتم دعوة الرباعية الدولية التي تضم بجانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة روسيا، وبذلك يحدث حالة من التوازن خاصة بعدما رأينا التحرك الأمريكي المنفرد في المنطقة لسحب فتيل الأزمة والصدام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان آخرها طلب وقف إصدار قرار من مجلس الأمن يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وذلك لرفع الحرج عن البيت الأبيض وخاصة الديموقراطيين الذين وافقوا على قرار شبيه لذلك يحمل رقم 2334 في نهاية حقبة أوباما في ديسمبر من العام 2016، والذي اعتبره الكثيرون أنه موقف ديموقراطي يناكف ترامب الجمهوري الذي حسمت الانتخابات لصالحه حينها، والأيام أثبتت ذلك، حيث غاب الفعل الأمريكي لتنفيذ هذا القرار رغم تداول الجمهوريين والديموقراطيين على البيت الأبيض، وهذا يدلل على عدم نزاهة البيت الأبيض والحرص على عدم إغضاب الإسرائيليين، وكله على حساب ابتزاز الجانب الفلسطيني الذي لم يعد بيده رفاهية الرفض لأي قرار أمريكي للأسف، نتيجة الارتهان لمواقف خادعة وترك ساحة العمل السياسي للبيت الأبيض الذي أبعد بشكل متدرج كل الوسطاء الدوليين بما فيها روسيا والاتحاد الأوروبي.
نحن اليوم بحاجة لآليات تحرج الغرب والولايات المتحدة الأمريكية المشغولين بالحرب الروسية الأوكرانية دون الالتفات الحقيقي للقضية الفلسطينية، ومحاولة استغلال ما يحدث في العالم، وإحراج الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لا يتم إلا بدعوة الرباعية لعقد اجتماع طارئ يناقش الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تكون جميع الأطراف أمام مسؤولية واحدة، ويصبح الفيتو الأمريكي دون تأثير على هذا الاجتماع، علينا أن لا نكرر أنفسنا وعدم الوقوع في أخطاء الماضي من خلال ترك الولايات المتحدة الأمريكية تتفرد في المنطقة وتضع آليات الحل التي تخدم مصالحها ومصالح الاحتلال الإسرائيلي، يجب أن نتخلص من الشعور بالعجز، ولدينا من القوة كعرب وكأحرار في العالم المقدرة على ذلك، ودون الصدام مع البيت الأبيض بل دفعه ليلعب دور الوسيط النزيه من خلال إعادة توازن المجتمع الدولي في الملف الفلسطيني وعودة الرباعية الدولية للعمل بداية لإحداث هذا التغيير.