الحلقة 19 من كتاب «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» للكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي
الكاتب مفكر عربي إماراتي.. خاص منصة العرب الرقمية
في الحلقة التاسعة عشرة من كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي”، للمفكر العربي علي محمد الشرفاء، يكشف المؤلف في الجزء الأول من الحلقة كيف انقلب المسلمون على كتاب الله وكيف تحولوا حيث لم يشهدِ التاريخُ الإسلاميُّ في زمنِ الرّسولِ الكريمِ صلى الله عليه وسلّم أيَّ قتالٍ بينَ المسلمين، ولكنَّ مَا حَدَثَ بعدَ وفاتهِ، كان أمرًا آخر، حيث انقلبُ المسلمونَ على أعقابِهم وهجروا كتاب الله وتعاليمه، وذلكَ ما حَدَثَ بالفعلِ، وهو ما تؤكّدهُ الأحداثُ الداميةُ والخلافاتُ السياسيةُ التـي حدثت في حينهِ، من الاقتتال بَيْنَ صَحَابةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم حين سَقَطَ مِنْهم في ساحاتِ القتالِ الآلاف مضرجين بدمائهم تحتَ شعاراتٍ إسلاميةٍ مُختلفة ومذاهب سياسية متعددة عندَما انقلبَ المسلمونَ على كتابِ اللهِ بعدَ وفاةِ الرسولِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، ولم يلتزِموا بشرعِ اللهِ وأورد المؤلف سردا تاريخيا بما حدث في تلك الفترة من خلافات سياسية وقتال بين المسلمين.
اقرأ أيضا: الحلقة 18 من كتاب «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» للكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي
وإليكم الحلقة التاسعة عشرة من كتاب “المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي”..
لم يشهدِ التاريخُ الإسلاميُّ في زمنِ الرّسولِ الكريمِ صلى الله عليه وسلّم أيَّ قتالٍ بينَ المسلمين، ولكنَّ مَا حَدَثَ بعدَ وفاتهِ، كان أمرًا آخر! فقدَ جاءَ في قوله تعالى ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أو قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ (آل عمران 144).
هذه الآيةُ فيها نَبَأٌ للمستقبل ولَها دلالاتٌ تؤكّدُ أَنَّهُ بَعدَ وفاةِ الرَّسول صلى الله عليهِ وسلّمَ سينقلبُ المسلمونَ على أعقابِهم وسيهجرون كتاب الله وتعاليمه، وذلكَ ما حَدَثَ بالفعلِ وما تؤكّدهُ الأحداثُ الداميةُ والخلافاتُ السياسيةُ التـي حدثت في حينهِ، وأدناه سردٌ تاريخي مختصرٌ عمّا حَدَثَ بين المسلمينَ من صِراعٍ على السلطةِ وحبٍ للدنيا، أدّى إلى الاقتتال بَيْنَ صَحَابةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم حين سَقَطَ مِنْهم في ساحاتِ القتالِ الآلاف مضرجين بدمائهم تحتَ شعاراتٍ إسلاميةٍ مُختلفة ومذاهب سياسية متعددة عندَما انقلبَ المسلمونَ على كتابِ اللهِ بعدَ وفاةِ الرسولِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، ولم يلتزِموا بشرعِ اللهِ وَما جَاءَ في كتابهِ الكريمِ مِنْ أحكامٍ تُنظِّمُ العلاقةَ بينَ اللهِ وبينَ عبادهِ فيما يتعلقُ بالعقيدةِ والإيمانِ بهِ، والأسس التي تحكم العلاقةَ فيما بين المسلمين أنفسهم وغيرهم من الديانات الأخرى، مبنيةً على الرحمة والعدلِ والإحسانِ والتسامحِ والسلامِ؛ لتحقيق الأمن والاستقرار واحترام حقوق الناس وعدم الظلم وعدم الاعتداء على الناس واتباع شرع الله، فيما نهى وأمر بالرحمة والعدل وتقوى الله والتمسّك بكتابه الذي أمر المسلمين بالوحدة وعدم التفرُّق بقوله تعالى: (وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَألَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا) (آل عمران 103). فهل التزم الصحابة بأمر الله لهم بالوحدة والتمسّك بما أمر الله وما أنبأنا اللهُ عنه في كتابهِ الكريم.. كلا وما تؤكده الأحداثُ التّالية غير ذلك كما يلي:
أولاً:
الخِلافُ على السُلطةِ في سَقيفةِ بني سَاعدة، بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، فيمَنْ يتولّى السُلطةَ بعدَ رسّولِ اللهِ صلّى الله عليهِ وسلّم، وكاد الأمر يتحول إلى اقتتال بين المهاجرين والأنصار.
ثانيًا:
قِتالُ الـمسلمينَ بما سُميّ حروبَ الردّةِ، وقَتلُ أعدادٍ كبـيرةٍ منَ الصحابةِ، علمًا بأنَّ عقابَ المرتدّ حُكمهُ عندَ اللهِ وحدَه فَقط، كَما تُؤكّده الآْيةُ الكريمةُ: ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (المائدة 45).
ثالثًا:
اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب من أجل زعزعة الاستقرار في السلطة الحاكمة في المدينة المنورة وهز أركان الدعوة الإسلامية وإثارة البلبلة والفتن بين المسلمين؛ لصرفهم عن الاستمرار في نشر الرسالة الإسلامية.
رابعًا:
اغتال مسلمين الخليفة عثمان بن عفان، فحينما فشلوا في استغلال اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب قاموا بمحاولة أخرى لإشغال المسلمين بأنفسهم مرة أخرى باغتيال عثمان لعلهم ينجحون في خلق الفتنة، التي تؤدي إلى صراع واقتتال بين المسلمين.
خامسًا:
ترتب على قتل عثمان أن نشبت معركة بين الخليفة علي بن أبي طالب وزوجة الرسول عائشة المسماة «معركة الجمل»؛ للمطالبة بالقبض على قتلة عثمان ومحاكمتهم من الخليفة علي بن أبي طالب، فسقط العشرات من الصحابة في تلك المعركة، مخالفين أمر الله في قرآنه بقوله (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). (الأنفال 46).
سادسًا:
نشبت «معركة صفين» بين الخليفة علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان، قُتل فيها أعدادٌ غفيرة من المسلمين في صراع من أجل السلطة وأحقية الخلافة لكل منهما، وانتهى القتال بعد قرار التحكيم الذي وُكِّل به أبو موسى الأشعري، وتمرد الخوارج على علي بن أبي طالب وكفَّروه.
سابعا:
نشبتْ معركةٌ كان طرفاها علي بنَ أبي طالب، وبعضًا من أتباعهِ في «موقعة النَهْروان» غربي نهر دجلة التي وقعت مع الخوارج الذين يرددون شعار عقيدتهم (لا حكم إلا لله) عندما وافق علي بن أبي طالب على قضية التحكيم بينه وبين معاوية لحقن دماء المسلمين فتمردوا على علي بن أبي طالب لأنه قبل بالتحكيم وشعارهم (لا حكم إلا لله.. الرواح إلى الجنة إلى الجنة) وهم يكفِّرون كلَّ مَن لا يتبع عقيدتهم، فحكمه القتل.
ثامنًا:
نشبتْ معركةٌ كان طرفاها الحسينَ بنَ عليٍّ ويزيدَ بنَ مُعاويةَ وقُتل فيها سبعة أفراد من أهل بيت رسول الله، وعلى رأسهم الحسين بن علي، حفيد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وسقط في تلك المعركة العشرات من المسلمين بيد مسلمين.
تاسعًا:
كذلك وقعت معركة إخماد ثورة «أهل المدينة» على حُكمْ الأمويّين غَضَبًا لِمقَتل الحسيْن، وقُتْل سبعمائةٍ من المهاجرينَ والأنصارِ بيَدِ الجيشِ الأمويّ المسلمِ في «معركة الَحرّة» التي قادَ جيشَ الأمويين وبينهم «مسلم بن عقبة» الَّذِي جاءهُ صديقُهُ الصَّحابُي مَعقل بنُ سِنان الأشجعيّ، فأسمَعه كلامًا غليظًا في يزيد بن معاوية بعدما قَتَلَ الحُسين في موقعة كربلاء فغضَب منهُ وقَتَلَهُ حيث نقض أهل المدينة بيعة يزيد.
عاشرًا:
قامَ الحُصينَ بنُ نُمَير، قائدُ جيشِ يزيد بن معاوية، بمحاصرة الكعبة التي تحصَّن بها عبد الله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة للمسلمين بضربِ الكعبةِ بالمنجنيق، وهَدْم أجِزاءَ منها أثناءَ حِصارِهِ لمكّةَ سنة 64 هجرية وهو ما لم يتجرأ أبو لَهبٍ وأبو جَهلٍ على فِعلِها وقُتلَ العديد من المسلمين بيد مسلمين.
أحد عشر:
مقتلُ عبد الله بنِ الزُّبير ابن أسماء بنتِ أبي بكرٍ – ذات النطاقين بيدِ مُسلمينَ يقودُهم الَحجّاجُ بنُ يوسف الثقفيّ.
اثني عشر:
مقتلُ زيدِ بنِ علي بنِ الحُسَين في خلافةِ هشامِ بنِ عبد الملَك بيدِ مُسلمين وصَلَبوُه عاريًا على بابِ دمشقَ، ثم أحرقُوه، ثم قامَ الأمويّونَ بقتْل بعضِهم البَعْض.
ثلاثة عشر:
مقتل الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين مسمومًا بيد مسلمين.
أربعة عشر:
مقتلُ الخليفة الأمويّ الوليدِ الثاني بن يزيد بيدِ مُسلمين.
خمسة عشر:
مقتلُ الخليفة الأمويّ إبراهيم بن الوليد بيدِ مسلمين.
ستة عشر:
مَقتلُ آخر الخلفاء الأمويّين بيدِ قائد جيش العباسيين أبو مسلم الخراساني.
سبعة عشر:
أبو العبّاس السفّاح كان يقتل كلَّ مَن تبقّى من نسلِ بني أمية من أولادِ الخلفاءِ. فلمْ يبقَ منهم إلاّ مَن كانَ رضيعًا أو هربَ إلى الأندلس، ثم أعطى أوامرهُ لجنودهِ بنبش قبورِ بنـي أميّة في دمشق فنُبشَ قبـرُ معاويةَ بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خَيْطًا، ونُبشَ قبـرُ يَزيد بنِ مُعاوية فوجدوا فيه حُطامًا كالرّماد، ونُبشَ قبرُ هشام بن عَبد الملك فإذا بهِ لم يتلفْ مِنه إلا أرنبةُ أنفهِ، فضُرب بالسياطِ ثم صُلب، ثم ذُرَّ في الرّيح بعدَ حرقِهِ.
ثمانية عشر:
في معركة كان طرفاها أنصارَ أبي مسلمٍ الخراساني وجيشَ العباسيّين قُتلَ فيها الكثيرُ من المسلمين بأيدي مُسلمين.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب