اجتماعيةدراسات

الجامعات التكنولوجية في مصر ودورها في ربط التعليم الفني بسوق العمل

Technological Universities in Egypt and Their Role in Linking Technical Education to The Labor Market

أ.د. هاني جرجس عياد

أستاذ ورئيس قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا

كلية الآداب والعلوم الإنسانية – الجامعة الأفروآسيوية

ملخص

تتجه مصر للتوسع في إقامة الجامعات التكنولوجية في أنحاء البلاد، بهدف توطين التكنولوجيا وتحديث الصناعة، وسد الفجوة المتعلقة بتوافر التقنيين والأيدي العاملة الماهرة المتخصصة بالمجالات التكنولوجية المختلفة، التي تتطلبها رؤية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030). وأنشأت مصر 10 جامعات تكنولوجية بالفعل، وذلك طبقا لقانون رقم 72 لسنة 2019 والخاص بإنشاء الجامعات التكنولوجية بمصر، ففي العام الدراسي قبل الماضي 2021 / 2022 بدأت الدراسة بثلاث جامعات تكنولوجية كانت باكورة هذا التوجه الجديد للحكومة المصرية وضمت جامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية، جامعة بني سويف التكنولوجية، جامعة الدلتا التكنولوجية، ثم بدأت الدراسة في 7 جامعات تكنولوجية أخرى خلال العام الجامعي المنتهي 2022 / 2023 وهي جامعة سمنود التكنولوجية، جامعة طيبة التكنولوجية، جامعة برج العرب التكنولوجية، جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية، جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية، جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية، جامعة مصر التكنولوجية الدولية.

وتباشر الجامعات التكنولوجية جميع الاختصاصات اللازمة لتحقيق أهدافها، وذلك من خلال تقديم البرامج الدراسية والتدريبية المحدثة بمراعاة وجود نسب متوازنة من الدراسات التطبيقية والأكاديمية، وإنشاء مراكز لخدمة المجتمع بالتركيز على التعلم عن طريق الأنشطة المعملية وتطوير الجدارات والقدرات الفنية العملية للخريج، مع إتقانه اللغة العربية واللغات الأجنبية ووسائل التكنولوجيا والاتصال الحديثة لضمان مواكبته للتطورات التكنولوجية المتسارعة، والعمل على الحصول على اعتماد البرامج والشهادات من الجهة المختصة ومن الجهات الأجنبية التي يحددها المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي، وذلك من أجل رفع تنافسية خريجيها في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.

الكلمات المفتاحية: الجامعات التكنولوجية، التعليم الفني، سوق العمل.

Abstract

Egypt is moving to expand the establishment of technological universities across the country, with the aim of localizing technology, modernizing the industry, and filling the gap related to the availability of technicians and skilled labor specialized in various technological fields, required by the vision of sustainable development (Egypt Vision 2030). Egypt has already established 10 technological universities, in accordance with Law No. 72 of 2019 regarding the establishment of technological universities in Egypt. In the academic year before last, 2021/2022, studies began with three technological universities that were the beginning of this new approach of the Egyptian government, and included New Cairo Technological University and Beni Suef Technological University, Delta Technological University, then studies began in 7 other technological universities during the academic year ending 2022/2023, which are Samanoud Technological University, Taiba Technological University, Borg El Arab Technological University, New Assiut Technological University, October 6 Technological University, East Port Said Technological University, University of Misr International Technology.

Technological universities undertake all the specializations necessary to achieve their goals, by providing updated study and training programs taking into account the presence of balanced proportions of applied and academic studies, and establishing community service centers by focusing on learning through laboratory activities and developing the practical technical competencies and abilities of the graduate, with his mastery of the Arabic language and foreign languages. And modern technology and communication means to ensure that it keeps pace with rapid technological developments, and works to obtain accreditation of programs and certificates from the competent authority and from foreign bodies determined by the Supreme Council for Technological Education, in order to raise the competitiveness of its graduates in the local, regional and global markets.

                 Keywords: Technological Universities, Technical Education, Labor Market.

مقدمة

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، صدور القرار الجمهوري بالجريدة الرسمية بتاريخ 3 يونيو عام 2019، والخاص بإصدار القانون رقم 72 لسنة 2019 بإنشاء الجامعات التكنولوجية، لتعد هذه الخطوة نقلة مهمة في استحداث مسار جديد للتعليم الفني في مصر، حيث تعد هذه الجامعات امتدادا لمسار طلاب التعليم الفني، والتي تعمل على إكسابهم المهارات العملية والعلمية لمواكبة متطلبات سوق العمل المحلية والدولية، وذلك من خلال البرامج التكنولوجية التي تنفذ بالكليات التي تتبع للجامعة، والتي وضعت وفقا لمتطلبات المشروعات القومية والنطاق الجغرافي للجامعات.

وقد شهدت المرحلة الأولى للمشروع تأسيس ثلاث جامعات تكنولوجية، وهي: (جامعة القاهرة التكنولوجية الجديدة – جامعة الدلتا التكنولوجية – جامعة بني سويف التكنولوجية)، وانطلقت الدراسة بها في العام الدراسي 2019/2020.

وقد وجه الرئيس “عبد الفتاح السيسي” بإنشاء عدد إضافي من الجامعات التكنولوجية الجديدة في عدد من المحافظات المختلفة علي مستوي الجمهورية، وذلك بالنظر إلى الأهمية المتنامية لتلك الجامعات من حيث القيمة العلمية والاحتياج من خريجي التعليم الفني المؤهلين لاستخدام التكنولوجيا الحديثة، وكذلك لتغيير الثقافة المجتمعية حيال التعليم الفني بإنشاء مسار للتعليم التكنولوجي الجديد يختلف عن التعليم الجامعي التقليدي ويخفف الضغط عليه بما يتناسب مع احتياجات العصر وسوق العمل الحالي، كما يعظم من القيمة المضافة للموارد البشرية المصرية.

الأمر الذي دعا الحكومة خلال الفترة الماضية إلى التحرك بشكل سريع من أجل تدشين المرحلة الثانية من الجامعات التكنولوجية والتي تضم سبع جامعات، وهي: (جامعة سمنود التكنولوجية – جامعة طيبة التكنولوجية – جامعة برج العرب التكنولوجية – جامعة أسيوط التكنولوجية – جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية – جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية – جامعة مصر التكنولوجية الدولية). تضاف هذه الجامعات السبع إلى الجامعات الثلاث التي أنشئت بالفعل وتضم (8) كليات تكنولوجية و45 معهدا فنيا فوق المتوسط؛ ليصبح العدد عشر جامعات تضم نحو خمس برامج في المتوسط لكل جامعة، وتتعلق جميعها بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا بمختلف تخصصاتها ضمن خطة الدولة للنهوض بالتعليم الفني والتكنولوجي كمدخل رئيسي لتعزيز الصناعة الوطنية.

ولا يخفى أن كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية والوظائف النوعية التي تتمتع بمستوى دخل جيد أصبحت مرتبطة بالتكنولوجيا من كافة الأوجه، فالتكنولوجيا تسيطر حاليا على حركة المصانع وإدارة البيانات، وليس هذا يتعلق بالشركات الكبرى فقط التي تتمتع بمقومات قوية وسيولة مالية مرتفعة بل امتدت أيضا للشركات الصغيرة والمتوسطة التي أفرزت لها منظومة التكنولوجيا برامج وأنظمة منخفضة التكلفة، لكنها تحتاج معها موظف كفء ومؤهل لإدارتها والتعامل معها.

وسعيا للربط بين المجالين الصناعي والأكاديمي، ولا سيما في ضوء التطورات المتسارعة في قطاع التكنولوجيا وتطبيقاتها، واللحاق بركب الثورات التكنولوجية؛ يبرز دور الجامعات التكنولوجية الذي شهده التعليم العالي المصري على مدار السنوات الأخيرة، وذلك بهدف إعداد المورد البشري القادر على إنجاح المنظومة الصناعية التي تعتمد بشكل رئيسي على هذا المورد كعنصر أساسي في تحقيقها؛ حيث تلعب هذه النوعية من الجامعات دورا مهما في العمل على تحسين جودة المنتجات الصناعية، عبر تدريسها لتخصصات صناعية جديدة قائمة على الإبداع والتكنولوجيا، تستهدف مواكبة متطلبات السوق المصرية والعالمية، مع دورها في البحث عن وسائل لتحفيز القطاعات الصناعية، هذا إلى جانب إسهامها في تدريب الطلاب وتأهيل الخريجين، ليعود ذلك بالنفع على القطاع الصناعي والمجتمع معا.

ويذكر أن التخصصات المتواجدة في الكليات الجديدة على مستوى الدولة تتنوع ما بين تخصصات مختلفة تحتاجها الدولة بشكل ملح وتتناسب مع خطط الدولة التنموية كتخصصات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والرعاية الصحية المرقمنة والخدمات اللوجستية والصناعة وغيرها.

علما بأن الذكاء الاصطناعي يعد أحد أكثر اتجاهات التكنولوجيا تطورا والتي أصبح عدد من الطلاب مهتمين بها مؤخرا، علاوة على ذلك، فإن التعلم الآلي هو مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي يتم نشره أيضا في جميع أنواع الصناعات، مما يخلق طلبا كبيرا على المهنيين المهرة. وتشير تقارير أن الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والأتمتة ستخلق 9% من الوظائف الجديدة بحلول عام 2025 في العديد من المجالات الواعدة مثل هندسة الذكاء الاصطناعي وهندسة التعلم الآلي.

ولا شك في أن العملية التعليمية تشكل المفتاح الرئيسي لتنمية أي دولة تبحث عن تجربة صعود اقتصادية واجتماعية في العصر الحديث، ويعد التعليم التكنولوجي هو “الجوهر” الذي يمكن التحدث عنه في خطط الحكومات وتصور الخبراء في ظل معطيات عمل تتعلق بالتكنولوجيات المتقدمة وفاعليتها في القطاعات الاقتصادية خاصة مع تسريع عمليات التحول الرقمي وإعداد مخرجات لمستقبل التصنيع الذكي والتجارة الإلكترونية بغرض تعزيز الإنتاجية وتنمية الاقتصاد، ومنها: إنترنت الأشياء، والأنظمة السيبرانية، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والبلوك تشين، والتعلم الآلي.

والحقيقة المؤكدة أن ذلك التوجه يؤدي إلى ترويج قيمة التكنولوجيا الحقيقية والاتجاهات المبتكرة الناتجة عن الثورة التكنولوجية الرابعة، وخلق فرص عمل لشباب الخريجين وتمكين الأجيال القادمة من التعامل الناجح مع اقتصاد المستقبل وإعداد جيل قادر على توظيف أحدث مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في القطاعات كافة؛ لتحقيق المزيد من التنمية والتنافسية، فضلا عن تحقيق نجاحاتهم الشخصية وأحلامهم بالثراء المرتبط بأهداف حقيقية.

وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن الدولة المصرية تهتم بشكل رئيسي بهذا التوجه خلال الفترة الحالية، المتمثل في زيادة عدد الكليات المتخصصة في التكنولوجيا على مستوى الحكومة والقطاع الخاص، وأيضا مدارس التكنولوجيا التطبيقية، في خطة منها لسد فجوة التوظيف في الدولة وتحقيق التنمية المستدامة وفقا لرؤية مصر2030التي تهدف بشكل رئيسي إلى تعزيز المهارات التكنولوجية والمهارات اللازمة للعمل عبر دراسة تخصصات حديثة، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات الفعلية للسوق المحلية والعالمية، وتوفير الموارد البشرية الضرورية لتوطين الصناعات الكبرى.

هذا إلى جانب العديد من المبادرات الخاصة بهذا، وأهمها: مبادرة التعلم التكنولوجي لتأهيل الكوادر المصرية الشابة على أحدث مجالات التكنولوجيا في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات، وتراعها القيادة السياسية، وتتبناها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تقوم على توفير منظومة تعليمية تطبيقية عالية الجودة، مبنية على شراكة الجامعات المرموقة، والشركات الرائدة على مستوى العالم، معتمدة على منصات متميزة للتعلم الإلكتروني، وتتكامل من خلال إتاحة مجموعات دراسية مساعدة ومحفزة، وشبكات مراجعة للتقييم والمتابعة.

ومن ثم، يعد توجه الدولة نحو إنشاء الكليات التكنولوجية بشكل خاص توجها إيجابيا في الوقت الحالي وخاصة في ظل حاجة سوق العمل الملحة إلى التخصصات التكنولوجية المتطورة التي تتطلب بالتوازي مع التعليم الجديد التدريب والتطبيق لهذه العلوم، وهو ما توفره هذه الكليات؛ مما يسهم في سد الهوة التي عانت منها السوق لفترات طويلة، والمتمثلة في تراجع مستوى مخرجات الموارد البشرية المتخصصة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

فللأسف أن معظم خريجي الجامعات في واقع الحال يفتقدون لمهارات التعامل في السوق، بالإضافة إلى ندرة المواهب التقنية لدينا، والتي يمكن أن تعوضها تلك الجامعات، بتخريج شباب قادر على الاندماج بسوق العمل سريعا، لأنه تم تأهيلهم بصورة جيدة، هذا بجانب أن تلك المواهب يمكن أن تكون سببا في وجود أفكار ناشئة ورواد أعمال، إذا تم توفير حاضنات أعمال بداخلها، فهناك أفكار كثيرة جيدة يمكن احتضانها ودعمها.

ولهذه الأسباب وغيرها، تولي القيادة السياسية اهتماما بالغا بالتعليم التكنولوجي والتوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية في مصر ما يعكس اهتمام الدولة بتطوير التعليم الفني وتأهيل الطلاب للحصول على البكالوريوس واستكمال الدرجات العلمية الأخرى كالماجستير والدكتوراه، حتى يكون الخريج مؤهلا وفقا للمعايير الدولية وقادر على صناعة المستقبل ومواكبة التحول الرقمي وسوق العمل.

إذ إن الاهتمام بالتعليم الفني وتطويره، والقضاء على مشاكله تماما، وتحسين النظرة المجتمعية تجاهه، بات القضية الأساسية التي توجه لها كافة جهود الدولة، في المرحلة الحالية، حتى يؤدى دوره الذي يناسب أهميته، باعتباره طوق النجاة للتنمية الاقتصادية التي نحلم بها ونسعى إليها.

وخلاصة القول إذن: إن الجامعات التكنولوجية بمرحلتيها الأولى والثانية تمثل رافدا حديثا ومهما من روافد التعليم العالي في مصر، حيث تستهدف تقديم كوادر فنية مدربة على أعلى مستوى للالتحاق بسوق العمل، محليا وإقليميا ودوليا، والمشاركة في عملية التنمية المستدامة وفقا لرؤية مصر 2030. ولذا وجه الرئيس “السيسي” بالتوسع في هذا المسار من الجامعات وإنشاء 17 جامعة تكنولوجية جديدة بمشاركة صندوق تحيا مصر في التكلفة؛ لتغطي جميع محافظات الجمهورية وتطوير نظم الدراسة بها لمواكبة التطور العلمي.

وفي حالنا – نحن المهمومين بحال التعليم الجامعي في مصر- نأمل أن تكون الجامعات التكنولوجية في مصر مفتوحة أكثر وأكثر على التخصصات التكنولوجية في العالم كله، ويكون هناك تعاون بين تلك الجامعات والجامعات بالخارج في هذا المجال، حيث سيكون هناك مردود جيد على الجامعات نفسها والطلاب وسوق العمل بعد ذلك بطبيعة الحال.

وفي سياق موضوع البحث الحالي، يبدو لي أنه يتعين علينا أن نطرح بشيء من التفصيل بعض النقاط الرئيسية ذات الصلة على النحو التالي:

1- التعليم الفني وسوق العمل

التعليم الفني في جميع دول العالم، هو المصدر الرئيسي لإمداد سوق العمل بالعمالة المدربة والجاهزة فنيا وبدنيا للمهمات الموكلة لها. ولكن واقع الحال في مصر ينبئ بجلاء بأن هذا النوع المهم من التعليم ينحدر بخطوات متسارعة نحو حضيض غير مسبوق بحيث أصبحت مدارس التعليم الفني مفرغة من مضمونها وخريجيها يحتلون أرصفة التبطل لسنوات ممتدة، وأصبح مستوى تعليمهم وتدريبهم مجالا للتندر والسخرية… وأصبحت تلك الملايين التي تنفق على هذا النوع من التعليم كأنها قبض الريح.

فعلى الرغم من وجود أزمة شاملة في منظومة التعليم المصرية ككل، إلا أن التعليم الفني يحظى بالنصيب الأوفر من تلك الأزمة. مع العلم بأنه يبلغ عدد مدارس التعليم الفني في مصر 2204 مدرسة بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2017، وقد ارتفع العدد ليبلغ 2350 مدرسة في 2019. ويبلغ عدد الطلاب في تلك المدارس بأنواعها المختلفة (الصناعية والتجارية والزراعية والفندقية) أكثر من مليون و800 ألف طالب وطالبة.

علاوة على ذلك، يوجد 290 مدرسة من مدارس “التعليم الفني المزدوج” القائم على تدريب الطلاب في المصانع تدريبا عمليا مباشرا بغرض التأهيل الكامل لحاجات سوق العمل. ويتوافر في التعليم الفني المزدوج الكثير من التخصصات مثل المصاعد والتكييف وصيانة الأجهزة الكهربائية وصيانة السيارات وأعمال الفندقة، والغزل والنسيج والتفصيل وغيرها من المهن التي تحتاج إلى الكثير من العمالة الماهرة.

ويحظى التعليم الصناعي بنسبة 50 في المئة من إجمالي التعليم الفني بينما تبلغ نسبة التعليم التجاري 34 في المئة منه والتعليم الزراعي 13 في المئة ويبقى للتعليم الفني الفندقي ما نسبته 3 في المئة. ومع ذلك، فكل ما سبق مجرد أرقام لا معنى لها ولا علاقة لها بمتطلبات سوق العمل الذي لا يعير هؤلاء الخريجين أي اهتمام.

ففي دراسة لـ “مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية” يقول الدكتور أحمد دسوقي إسماعيل مدير فرع أكاديمية السادات للعلوم الإدارية ببورسعيد: “رغم تخصيص الدولة مقدراتها ومخصصات موازناتها العامة السنوية والتراكمية، لخدمة قطاع التعليم الفني، إلا أنه لم تسفر كل الموارد المالية المخصصة للإنفاق على تأسيس وتشغيل وإدارة مدارس التعليم الفني عن المساهمة في تحقيق تقدم حقيقي في مجال التنمية الاقتصادية المختلفة”.

يتبدى السبب الأول والأهم والذي قاد إلى تلك النتيجة هو انعدام الصلة بين متطلبات سوق العمل وبين خريجي تلك المدارس. فعلى الرغم من العناوين البراقة للتخصصات المختلفة في التعليم الفني إلا أن واقع الحال ينبئ بأن ثمة فجوة هائلة بين ما يجد هؤلاء الدارسون أنهم قد تعلموه وبين سوق العمل الذي ينبذهم منذ عشرات السنين بلا كلل، في الوقت الذي لم تضع الدولة خطة محكمة تضمن استيعاب هؤلاء الخريجين داخل منظومة كاملة من التنمية على الرغم من توسعها في بناء المزيد من المدارس والعمل بين وقت وآخر على استحداث طرق تدريس تبدو للوهلة الأولى وكأنها محاولة تطوير وتحديث.. مما يبعث على الدهشة والارتباك.

فالتعليم هو عملية اقتصادية في جانب مهم من جوانبها (إضافة للاكتساب الثقافي والمعرفي والتربوي)، حيث يهتم اقتصاد التعليم بتكاليفه ومردوده وبالعلاقة بين النفقة والمنفعة، سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الاقتصاد القومي ففي ضوء الدراسات حول مردود التعليم عدت التربية صناعة “مربحة” تزيد عائداتها الاقتصادية والاجتماعية زيادة كبيرة على تكاليفها، وهذا ما نادى اقتصاديو التعليم إلى تنظيم استثماره ليعطي أفضل مردود.

فإذا قمنا بتطبيق تلك القاعدة على التعليم الفني في مصر فنحن أمام خسائر متراكمة من الإنفاق على بناء المدارس وأجور المعلمين وتدريب الطلبة والخامات والأجهزة المستخدمة من غير أن تكون لدينا منظومة مدركة لكيفية الاستفادة بالناتج النهائي لكل ذلك، أو الجرأة اللازمة على تحويل ذلك النوع من التعليم أو تلك المدارس إلى تخصصات أخرى يمكن الاستفادة بها وإدراجها داخل سوق العمل لتعويض هذا الإنفاق والبحث عن “مردود” يضع جدوى لكل ذلك. وربما كانت تجارب دول جنوب شرق آسيا في هذا الاتجاه وخصوصا سنغافورة وماليزيا تقدم نموذجا ملهما لكيفية التطبيق الصارم والمدروس بين ما يتم تقديمه من تعليم فني متعدد وبين ما يحتاجه سوق العمل، إذ إن اقتصاديات تلك الدول منفتحة على الأسواق المحلية والعالمية بشكل متجدد ومستمر بحيث لا يصبح هناك مجال لإهدار المزيد من الموارد على أنماط من التعليم والتدريب لا تحتاجها تلك الدول.

وبنظرة سريعة على مخرجات التعليم الفني في مصر ومدى انقطاع الصلة بين تلك المخرجات وحاجة سوق العمل، تقول الدكتورة نهلة عبد التواب ممثلة مجلس السكان الدولي: “إن التعليم الفني بمصر يشهد سنويا تخريج 450 ألف طالب تحت سن الـ 30 معظمهم خارج قوة العمل، خاصة من الإناث الحاصلات على تعليم تجاري، ومعظم من حصل على فرص وظيفية من خريجي التعليم الفني يعملون في القطاع غير الرسمي، وفي ظروف عمل غير لائقة”.

أما السبب الثاني والذي يفضي مباشرة إلى ترهل وضعف التعليم الفني في مصر فيكمن في ضعف المستوى العلمي والتدريبي لخريجيه والذي بدأ مبكرا للغاية وقبل التحاق هؤلاء الخريجين بمدارس التعليم الفني. فعادة ما يتم اختيار الطلاب الحاصلين على أدنى مجموع في امتحانات الإعدادية العامة والإعدادية المهنية للالتحاق بهذا النوع من التعليم، وهم في الغالب ينحدرون من المدارس النائية في القرى والنجوع الفقيرة والتي تكون بعيدة عن كل أشكال الرقابة المركزية، مما يضاعف من المجهود الذي يضطر معلمو ومدربو هؤلاء الطلاب إلى تكبده، وفي النهاية لا يكون مستوى هؤلاء الخريجين مقتربا حتى من الحدود الدنيا اللازمة لتأهيلهم وتدريبهم مما يجعل فرصهم في الالتحاق بوظائف في صلب تخصصهم الذي درسوه بالغة الندرة إذا ما تم إخضاعهم لاختبارات جدية قبل إلحاقهم بتلك الأعمال.

تبدى ذلك الضعف أيضا نتيجة غياب التنسيق بين مدارس التعليم الفني وبين مراكز التدريب المهني التابعة لوزارات أخرى، مما فوت فرصا شديدة الأهمية للترقي بمستوى خريجي تلك المدارس، كما ظلت برامج المنح والمعونات والتي تم تقديمها لتلك المدارس محدودة الأثر، من حيث محدودية نطاق تطبيقها، مكانا وزمانا. فهي برامج غير ممتدة ولا شاملة، وقد ركزت في معظمها على إصلاح الترتيبات الإدارية والتنظيمية للمدارس الفنية على حساب إصلاح المناهج أو تدريب المدرسين على التقنيات الحديثة أو تأسيس وتجهيز المعامل والورش تجهيزا فنيا.

يقودنا السببان الأول والثاني إلى السبب الثالث لضعف وتأخر التعليم الفني في مصر وهو النظرة المجتمعية التي تضع خريجي مدارس التعليم الفني في تصنيف اجتماعي متدن يصيب هؤلاء الخريجين بالإحباط وفقدان الجدوى وغياب الدافعية حتى مع انخراط بعضهم في أسواق العمل من خلال فرص ضئيلة للغاية، إلا أنهم يظلون طوال الوقت يعانون من تلك النظرة التي يدمغهم بها المجتمع ويضعهم في تصنيف “الحاصلين على الدبلوم” الذي صار مترادفا ومترافقا مع الفقر والدونية ونقص الكفاءة وانعدام الفرص في الترقي الاجتماعي على كافة المستويات.

كل ما سبق من أسباب وعقبات يمكن تلافيها في المدى المنظور إذا ما درست دراسة متأنية مع معالجة أوجه القصور بحيث يتاح لذلك الخريج تدريبا جيدا من خلال منظومة تعليمية وتدريبية متكاملة. وهو ما قد يحقق لديه حالة من “الرضا” المهني والاجتماعي، باعتبارهم “صنايعية” مهرة ليس فحسب بفضل الخبرة، كما هو الحال تقليديا، وإنما أيضا بفضل التعليم والاطلاع على أحدث التقنيات والتدرب المسبق عليها.

ومن ثم، فإن رؤية مصر2030 قد تضمنت استراتيجية للارتقاء بمنظومة التعليم الفني، والتي تشمل إنشاء هيئة مستقلة لضمان جودة خريجي التعليم الفني، واعتماد مناهج دراسية قائمة على منهجية الجدارات، إلى جانب تغيير الصورة النمطية عن التعليم الفني، وتحسين مهارات المعلمين، ومشاركة أصحاب الأعمال في تطوير التعليم الفني عن طريق إبرام شراكات مع الوزارة. وفي هذا الصدد، حددت خطة تطوير التعليم عددا من المؤشرات الكمية والمستحدثة لقياس أداء التعليم الفني والتدريب حتى عام2030 أبرزها:

أ- أن تصل نسبة الملتحقين بالتعليم الفني من المتفوقين في الإعدادية (مجموع أعلى من 85%) عام2030 إلى20%، في حين وصلت هذه النسبة في عام 2014 إلى 4% فقط.

ب- أن تصل نسبة خريجي التعليم الفني الذين يعملون في مجال تخصصاتهم عام2030 إلى80%، في حين وصلت هذه النسبة في عام 2014 إلى30% فقط.

ج- أن يصل ترتيب مصر في مؤشر البنك الدولي للتعليم الفني (يقيس مدى تنافسية التعليم الفني المصري عالميا) إلى 3/4 عام2030، في حين وصل الترتيب في عام 2014 إلى 2/4.

د- أن تصل نسبة مؤسسات التعليم الفني والمهني القائمة على الشراكة المجتمعية في عام2030 إلى 20%، في حين وصلت هذه النسبة إلى 3% فقط في عام 2014.

ه- أن يصل متوسط عدد الطلاب بالفصل إلى 30 طالب/ فصل في عام 2030 في حين وصل المتوسط إلى 38 طالب/ فصل في عام 2014.

و- رفع نسبة رضا المؤسسات الخاصة وأصحاب الأعمال عن خريجي التعليم الفني والمهني باعتبارها من أسباب تحديد كيفية تطوير العملية التعليمية باستمرار.

ز- رفع نسبة خريجي التعليم الفني الجدد الحاصلين على رخصة مزاولة المهنة.

ح- رفع نسبة مؤسسات التعليم الفني ومراكز التدريب الحاصلة على الاعتماد من هيئة ضمان الجودة، مع وضع جدول زمني من أجل تطوير المؤسسات غير الحاصلة على الاعتماد من أجل زيادة نسبتها مع الوقت.

وفي هذا السياق يمكن القول إن التكنولوجيا تعد من الأساسيات التي يعول عليها خلال الفترة المقبلة، ومن ثم كان لزاما أن يكون هناك مواكبة لهذه التغيرات التي يشهدها العالم في المجال التكنولوجي، وبداية الاهتمام تكون في التعليم، ولهذا جاء قانون إنشاء الجامعات التكنولوجية لترجمة هذا الاهتمام على أرض الواقع.

فالدولة المصرية أصبحت مهتمة بهذا الملف بشكل رئيسي كمسار للمستقبل منذ أن بدأت الحكومة في تدشين أول جامعة تكنولوجية متخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي في عام 2019، وذلك في ظل توجيهات القيادة السياسية بزيادة عدد الكليات المتخصصة في التكنولوجيا على مستوى الحكومة والقطاع الخاص مع ضمان التوزيع العادل لها جغرافيا، في محاولة لسد فجوة التوظيف وزيادة المهارات التكنولوجية اللازمة للعمل في ظل دراسة تخصصات حديثة ولتلبية الاحتياجات الفعلية للسوق المحلية وأيضا العالمية.

وتحظى هذه الجامعات باهتمام الدولة باعتبارها حجر زاوية للدفع بعجلة النمو الاقتصادي ومواكبة التطورات التكنولوجية المتلاحقة في جميع المجالات الصناعية والزراعية واللوجستية والخدمية والسياحة والفندقة والتكنولوجيا الصحية، حيث تقدم الجامعات التكنولوجية برامج متنوعة في مجالات تكنولوجيا الصناعة والطاقة وتكنولوجيا العلوم الصحية وتكنولوجيا الفندقة والمعلومات والاتصالات والميكانيكا والكهرباء والميكاترونكس والملابس الجاهزة والأطراف الصناعية بالإضافة إلى تكنولوجيا الأوتوترونكس، وتكنولوجيا التشييد والبناء وصناعة الأخشاب وخدمات الأغذية والمشروبات وتشغيل وصيانة ماكينات الغزل والنسيج والصباغة والمنسوجات والصناعات المعدنية.

ويجدر بالذكر هنا بصفة عامة أن الجامعات التكنولوجية قد نجحت بشكل كبير علي الرغم من حداثة عهدها في استقطاب عدد كبير من الطلاب واصبح هناك العديد من الطلاب يتهافتون على الالتحاق بها بسبب الجودة التعليمية العالية التي تقدمها تلك الجامعات لخريجيها وطلابها، حيث تهتم تلك الجامعات بالتدريب العملي بشكل كبير للغاية. وبحسب تصريح نشره موقع “مصراوي” يوم الاثنين الموافق 5 ديسمبر 2022عن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، فإن عدد الطلاب الملتحقين بهذا التعليم وصل لحوالي 12 ألف طالب.

وواقع الحال أن نجاح التجربة يتجلى في أعداد الطلبة المتقدمين سنويا للالتحاق بالجامعات التكنولوجية، فإن هذه الأعداد تبرهن على أن المجتمع يتغير، وأن خريطة وظائف المستقبل الجديدة بدأت تتضح للمواطن المصري، وبالتالي كان لها تأثير كبير على اختياراته وتفضيلاته المستقبلية خاصة في مجال العمل والدراسة.

وقد أكد الدكتور محمد فتح الله، الخبير التربوي، وأستاذ القياس والتقويم بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، أن ما يميز خريجي الجامعات التكنولوجية الجديدة عن خريجي الجامعات الأخرى هو توفير التدريب العملي الكثيف للطلاب، حيث يعمل الطلاب على مشاريع عملية ويحصلون على فرصة لتطبيق ما يتعلمونه في بيئة العمل الحقيقية، وهذا يؤهلهم للاندماج بسهولة في سوق العمل بعد التخرج دون الحاجة إلى إعادة التأهيل.

إذن يتضح من خلال ما سبق، أن الدولة تولي اهتماما كبيرا بالتعليم الفني في مصر وتسعى وزارة التربية والتعليم لتطويره وافتتاح المزيد من المدارس الفنية المتخصصة والمدارس التكنولوجية، وكذلك الاستعانة بمنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية المهتمة بهذا الملف بهدف تغيير الصورة الذهنية عن خريج التعليم الفني، ومؤخرا احتفلت وزارة التربية والتعليم بتخريج الدفعة الثالثة من برنامج “هي تقود” والمخصص لتدريب طالبات التعليم الفني وتأهيلهن لسوق العمل وتطوير مهاراتهن وتنفذه الوزارة بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة ومؤسسة شباب القادة لدعم الأنشطة الطلابية وحث الشباب على المشاركة الإيجابية والعمل التطوعي.

ولا شك في أن إنشاء 27 جامعة تكنولوجية يعكس اهتمام الدولة بتطوير التعليم الفني والتكنولوجي، حيث تقدم هذه الجامعات برامج دراسية عصرية تواكب متطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية، كما تعتمد على التدريب العملي أثناء الدراسة بالورش والمعامل المتطورة التي توفرها هذه الجامعات، بالإضافة إلى المناطق الصناعية في المناطق الجغرافية القريبة منها، وتطبيق أحدث وسائل التكنولوجيا واستغلالها لما فيه مصلحة المجتمع، إلى جانب ربط الجامعة بالصناعة.

2- مفهوم الجامعات التكنولوجية وتخصصاتها الجديدة

عرفت الجامعات التكنولوجية على أنها مؤسسات تعليمية تنتهج أسلوب التعليم والتدريب للطلاب في مختلف التخصصات التي يحتاجها سوق العمل وفق أفضل الممارسات من الناحيتين الأكاديمية والعملية، مع التركيز على بناء وتطوير المهارات الفنية اللازمة لإلحاق الخريج بسوق العمل مباشرة.

ومن ثم، تتمثل رؤية هذه الجامعات في الإسهام الفعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بتوفير التعليم التكنولوجي بالجودة والكفاية التي يتطلبها سوق العمل، وتحقيق التميز والإبداع والريادة العالمية بما يكفل الاستقلالية والاكتفاء الذاتي ومواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.

وتقوم رسالتها على تقديم تعليم تكنولوجي متميز من خلال برامج علمية وعملية ذات جودة عالية في التعليم الجامعي والدراسات العليا، وتأهيل خرجيين بمستوي متميز من المعرفة والإبداع التكنولوجي قادر على المنافسة والعمل الجماعي، والابتكار وتحقيق ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي وفق المعايير المعتمدة عالميا، والإسهام بفاعلية في تلبية احتياجات المجتمع وسوق العمل المحلي والإقليمي والدولي وإنتاج بحوث ودراسات علمية وتكنولوجية إبداعية ذات صلة بالتحديات المحلية والإقليمية.

ومن أجل تحقيق هذه الرسالة، يتم تشجيع الجامعات التكنولوجية الجديدة على تبادل الخبرات الدولية، وإبرام بروتوكولات التعاون مع مختلف الجهات، وإتاحة الفرص أمام رجال الصناعة والشركات الصناعية والجهات والمؤسسات الداعمة والتمويلية، لتبني ابتكارات طلاب الجامعات ودخولها حيز التنفيذ العملي، والاستفادة من الطاقات والعقول الخلاقة والأفكار الرائعة للشباب المصري، إضافة لتدريب الكوادر البشرية، ودعم وتنفيذ المشروعات البحثية والعلمية القابلة للتطبيق لخدمة قطاعات التصنيع المختلفة.

وقد صرح الدكتور عادل عبدالغفار المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بأن الجامعات التكنولوجية وقعت خلال الفترة الماضية العديد من بروتوكولات التعاون مع مؤسسات تعليمية وصناعية؛ لتدريب الطلاب عمليا والارتقاء بمستوى المنظومة التعليمية والتدريبية لديها، حيث يتم التدريب العملي بالمصانع والشركات بالمجتمع المحلي المحيط بهذه الجامعات؛ لزيادة خبرات الطلاب وتنمية مهاراتهم.

وأضاف المتحدث الرسمي، أن الجامعات التكنولوجية انضمت للتحالفات الإقليمية التي تتم بين المؤسسات التعليمية والصناعية والشركات داخل كل إقليم جغرافي، تنفيذا لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي أطلقتها الوزارة في مارس2023، مؤكدا أن الجامعات التكنولوجية أصبحت تقدم برامج دراسية حديثة ومتميزة، بجانب الاهتمام المتزايد بالتدريبات العملية التطبيقية لصقل خبرات الطلاب وربط المحتوى النظري بالجانب التطبيقي؛ لتأهيل الطلاب حتى يكونوا قادرين على المنافسة في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي.

ولفت الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى اهتمام الوزارة بمتابعة تطبيق الجامعات التكنولوجية لأحدث النظم العالمية في التعليم والتدريب، من خلال تجهيزها بأحدث المعامل والوسائط الرقمية والتقنية، وتقديم برامج دراسية تكنولوجية بينية متميزة، مؤكدا على أهمية الاستمرار في تشجيع الطلاب على المشاركة في المسابقات والمنافسات الرياضية والثقافية والفنية المختلفة التي تنظمها الجامعات.

وتقدم جامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية 6 برامج دراسية حديثة وهي: (الأوتوترونكس، الميكاترونيكس، الطاقة الجديدة والمتجددة، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، نقل ومعالجة البترول، الأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية).

وتطرح جامعة بني سويف التكنولوجية 5 برامج دراسية حديثة وهي: (تكنولوجيا الميكاترونكس، تكنولوجيا المعلومات، تكنولوجيا الأوتوترونكس، تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة، تكنولوجيا الأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية).

وتتميز جامعة الدلتا التكنولوجية بتقديم 6 برامج تكنولوجية متميزة وهي: (تكنولوجيا الميكاترونكس، تكنولوجيا الأوتوترونكس، تكنولوجيا المعلومات، تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة، تكنولوجيا الأطراف الصناعية والأجهزة التقويمية، تكنولوجيا التبريد والتكييف).

وتقدم جامعة سمنود التكنولوجية من خلال كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة 3 برامج دراسية هي: (تكنولوجيا تشغيل وصيانة ماكينات الغزل والنسيج، وتكنولوجيا التصنيع الغذائي، وتكنولوجيا الملابس الجاهزة).

وتطرح جامعة طيبة التكنولوجية 4 برامج دراسية حديثة وهي: (تكنولوجيا التصنيع الغذائي، تكنولوجيا الصناعات الخشبية، تكنولوجيا الخدمات الفندقية، تكنولوجيا خدمات السياحة والسفر).

وتضم جامعة برج العرب التكنولوجية، كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة والتي تشمل أقسام (تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا السكك الحديدية وتكنولوجيا الجرارات والمعدات الزراعية وتكنولوجيا الغزل والنسيج وتكنولوجيا الصناعات الغذائية)، وكلية تكنولوجيا العلوم الصحية والتي تشمل أقسام (تكنولوجيا الصناعات الدوائية وتكنولوجيا إدارة المعلومات الصحية وتكنولوجيا مساعد تمريض وتكنولوجيا تركيبات الأسنان).

وتقدم جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية 5 برامج دراسية متميزة وهي: (تكنولوجيا الصناعات الخشبية، تكنولوجيا الصناعات الغذائية، تكنولوجيا الخدمات الفندقية، تكنولوجيا النقل البحري والموانئ، تكنولوجيا الخدمات السياحية والسفر).

وبدأت الدراسة في جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية من خلال كليتي (تكنولوجيا الصناعة والطاقة وتكنولوجيا العلوم الصحية)، ويتم تقديم 6 برامج دراسية وهي: (تكنولوجيا الصناعات الدوائية، تكنولوجيا قطاع الأسنان، تكنولوجيا الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، تكنولوجيا المعلومات IT، تكنولوجيا شبكات نقل وتوزيع الكهرباء، بالإضافة إلى برنامج تكنولوجيا التصنيع الغذائي).

وتقدم جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية من خلال كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة برامج دراسية متميزة وهي: (تكنولوجيا تشغيل وصيانة ماكينات الغزل والنسيج، تكنولوجيا المعلومات، تكنولوجيا التصنيع الغذائي، تكنولوجيا السكك الحديد)، وكلية تكنولوجيا العلوم الصحية التي تقدم برامج (تكنولوجيا الصناعات الدوائية – تكنولوجيا تركيبات الأسنان).

وتضم جامعة مصر التكنولوجية الدولية 3 كليات بـ (القاهرة والفيوم وأسيوط)، ويتم تقديم العديد من البرامج الدراسية المتميزة، حيث تقدم الكلية التكنولوجية بالقاهرة برامج: (تكنولوجيا أنظمة التحكم الصناعية، تكنولوجيا صناعة الملابس الجاهزة، تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، الأوتوترونكس، الميكاترونكس، الأمن السيبراني، علوم البيانات)، وتقدم الكلية التكنولوجية بالفيوم برامج: (تكنولوجيا أنظمة التحكم الصناعية، الميكاترونكس، تكنولوجيا المعلومات)، وتقدم الكلية المصرية الألمانية للتكنولوجيا بأسيوط برامج: (تكنولوجيا الكهرباء، تكنولوجيا الميكانيكا، تكنولوجيا المعلومات)، كما تضم الجامعة 4 مدارس فنية بكل من (القاهرة والفيوم وأسيوط وأبو غالب)، ومدرسة مهنية بالفيوم وتعد هي الجامعة الوحيدة التي يوجد بها مدارس وكليات.

ويمكن الإشارة في هذا الصدد إلى أن تلك البرامج تتباين من جامعة إلى الأخرى وفقا لمكان الجامعة والبيئة المحيطة بها. أو بمعنى أدق، يمكن القول إن جميع البرامج الدراسية المتواجدة في الجامعات هي برامج دراسية تم وضعها بناء على طلب الصناعة وحاجة سوق العمل إلى وجود خريجين في تلك المجالات للعمل. ومن ثم، يكون فرصة التوظيف لخريجي الجامعات التكنولوجية عالية وكبيرة جدا. وبشكل عام، فإن الجامعات التكنولوجية تقع- وفقا لحديث الدكتورة هبة فاروق رئيس جامعة 6 أكتوبر التكنولوجية- في المحيط الصناعي للمحافظات العشر التي أنشئت بها جامعات تكنولوجية، وبناء على الاحتياجات الصناعية لهذه المحافظات، فجامعة 6 أكتوبر على سبيل المثال نشأت في محيط منطقة 6 أكتوبر الصناعية، ونشأت جامعة بني سويف في محيط منطقة بياض العرب الصناعية، وكذلك لتلبية احتياجات كوم أبو راضي الصناعية من العمالة الماهرة والمدربة، بينما أقيمت جامعة برج العرب في محيط المنطقة الصناعية ببرج العرب، ومن المستهدف إنشاء 17 جامعة أخرى، بحيث تكون هناك جامعة لكل محافظة، بهدف المساهمة في تخريج كوادر فنية تكنولوجية متميزة، والمؤكد أن مثل هذه النوعية من الجامعات، سوف تضمن لمصر نقلة نوعية كبيرة خلال الـ 30 سنة المقبلة، خاصة في ظل المشروعات التنموية التي نفذتها الدولة خلال السنوات الماضية، والتي من المخطط إقامتها خلال المرحلة المقبلة.

وقد لفت الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي من هذه الناحية إلى أن نجاح تجربة الجامعات التكنولوجية يأتي نتيجة دمجها مع قطاع الصناعة، واشتراط وجود الشريك الصناعي المناسب لتوفير الخبرات والتدريب الملائم لهؤلاء الطلاب، وإشراك قطاع الصناعة في اختيار ووضع البرامج الدراسية وتوفير التدريب بمستوياته وحتى التقييم، منوها عن أن لوائح الجامعات تنص على أن يمتلك الطلاب الجدارات بمكون عملي لا يقل عن 60%، فضلا عن الدعم الفني من الجهات الأجنبية ذات الصلة للبرامج الدراسية بها ومنها، نموذج الوكالة الكورية مع جامعة بني سويف، والاهتمام بالاعتماد المحلى والدولي لتسويق الطالب في سوق العمل.

ويجدر في هذا السياق التنويه بأن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا المسار يجب ألا نغفلها أو نتجاهلها، وتتمثل بشكل رئيسي في ارتفاع تكاليف التعليم التكنولوجي، وهو ما نحتاج معه إلى قدر من التوازن عبر تخفيض الرسوم الدراسية مع تحقيق أفضل هامش ربح. هذا وتجدر الإشارة إلى أنه لابد من توفير جميع متطلبات الجامعة التكنولوجية من أثاث وأجهزة وتجهيزات المعامل والورش، بجانب مقومات البنية التحتية المعلوماتية؛ لتتناسب مع البرامج الدراسية الخاصة بها، وتجهيزها بأحدث الأجهزة اللازمة للمعامل والمراكز البحثية، والتي تتلاءم مع المتطلبات الوظيفية والتعليمية للبرامج الجديدة التي ستقدم بالجامعة.

الأمر الذي يتطلب ضرورة إتاحة المجال للقطاع الخاص في هذا المسار التعليمي الحديث، من خلال تقديم المزيد من الحوافز، مع مراعاة حاجة الكليات الحكومية في هذا التخصص إلى موارد مالية كبيرة من الدولة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة مع مؤسسات التمويل الدولية المعنية، والدخول في شراكات محلية ودولية قوية لتطوير النظم التعليمية، والمتمثلة في الهيئات والاتحادات الصناعية والتكنولوجية، فضلا عن الشركات المتخصصة المحلية والعالمية العاملة في مصر، الأمر الذي يسهم في تهيئة منظومة متطورة تساعد في جذب معلمين وأكاديميين مؤهلين للتدريس في الكليات، ومناهج متطورة، وموارد دائمة، ومستوى مميز من الخريجين يتناسب مع احتياجات سوق العمل.

3- أهداف الجامعات التكنولوجية واختصاصاتها

تهدف الجامعات التكنولوجية إلى:

أ- استحداث مسار جديد متكامل للتعليم والتدريب التطبيقي والتكنولوجي، ومواز لمسار التعليم الأكاديمي، يحصل خريجوه على درجات جامعية في مراحل الدبلوم فوق المتوسط والبكالوريوس والدراسات العليا.

ب- تطبيق التكنولوجيا واستغلالها لما فيه صالح المجتمع، وتأهيل الخريجين من التعليم الثانوي العام والفني لتلبية احتياجات سوق العمل من الموارد البشرية التقنية والتكنولوجية اللازمة لمتطلبات خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدولة، ودعم الصورة المجتمعية لهذا النوع من التعليم.

ج- توفير تعليم تكنولوجي يقدم خدمات تعليمية وتدريبية متكاملة ذات جودة مناظرة لنظم الجودة العالمية، وبما يسمح بإعداد خريج قادر على المنافسة في أسواق العمل المحلية والإقليمية والعالمية.

د- إعداد كوادر تتوافر لديهم القدرة على الاستمرار في التعلم، والتحول المرن بين التخصصات الفرعية، بالإضافة إلى إمكانية الالتحاق بسوق العمل والعودة إلى الدراسة بعد تلقي التدريب والممارسة العملية المناسبة.

ه- التطوير المستمر للمناهج والخطط الدراسية لجميع المراحل والمستويات الدراسية فيما يتعلق بالتعليم التكنولوجي لمواكبة التطورات السريعة في جميع الميادين العلمية.

و- تطوير علاقات الجامعات التكنولوجية العلمية والثقافية مع الجامعات والمؤسسات العلمية العربية والعالمية، من أجل تعزيز التعاون العلمي وتبادل الخبرات، وبما يضمن المساهمة في تحقيق الأهداف التنموية.

ز- تقديم المساعدة الفنية والمشورة الإدارية في مجال التعليم الفني والتدريب.

وتباشر الجامعات التكنولوجية جميع الاختصاصات اللازمة لتحقيق أهدافها المشار إليها، وعلى الأخص ما يأتي:

أ- توفير برامج تدريبية ودراسية حديثة تراعي تحقيق التوازن بين الدراسات التطبيقية والأكاديمية، وتأسيس مراكز لخدمة المجتمع مع إيلاء المزيد من الاهتمام بالتعلم عن طريق الأنشطة المعملية، وتطوير الجدارات الوظيفية والقدرات الفنية العملية للخريجين، بالإضافة إلى إتقان اللغة العربية واللغات الأجنبية ووسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة؛ لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، بجانب العمل على الحصول على اعتماد البرامج والشهادات من الجهة المختصة ومن الجهات الأجنبية التي يحددها المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي، وذلك من أجل رفع القدرة التنافسية للخريجين في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.

ب- التوعية بأهمية التعليم الفني والمهني في المجال التكنولوجي ودوره في تحقيق التنمية بمفهومها الشامل، بالإضافة إلى إقامة المؤتمرات والندوات والحملات التوعوية، وإصدار المجلات والمطبوعات والدوريات المتخصصة سواء داخل مصر أو في الخارج.

ج- توقيع البروتوكولات والاتفاقيات المتعلقة بالتعليم والتدريب التكنولوجي من أجل دعم عمليات التواصل وتبادل الخبرات، فضلا عن التنسيق مع الجهات الداخلية والخارجية، على جميع الأصعدة سواء كانت بحثية أو تمويلية أو علمية.

د- الانضمام إلى المنظمات والهيئات والمؤسسات الإقليمية والدولية المتخصصة في مجال التعليم الفني، والتدريب المهني التكنولوجي، وذلك بعد استيفاء الإجراءات اللازمة.

وتأسيسا على هذه المعطيات كاملة، فإن ثمة مجموعة من المواصفات أعلنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كمواصفات منتظرة لخريج الجامعات التكنولوجية، تؤهله هذه المواصفات للعمل في سوق العمل المحلى والإقليمي والدولي هي كالتالي:

أ- سيمتلك قدرات مهنية وشخصية على النحو الذي يمكنه من التخطيط المستقل، ومعالجة المهام الفنية الشاملة الموكلة إليه سواء في مجال متخصص ودقيق من الدراسة أو في مجال نشاط تشغيلي قابل للتغيير.

ب- أن يمتلك المعرفة المهنية المتكاملة من خلال الدراسة أو المعرفة التشغيلية المتكاملة من خلال مجال النشاط التشغيلي.

ج- على دراية كاملة بالمعارف المهنية النظرية بشكل أعمق كما يكون على دراية بنطاق وحدود مجال الدراسة أو مجال النشاط التشغيلي.

د- يمتلك سلسة واسعة للغاية من المهارات التخصصية والمعرفية والعلمية المتكاملة.

ه- أن يكون قادرا على التخطيط للعمليات المختلفة داخل بيئة العمل وتقييم تلك العمليات وفقا لدراسة شاملة لمسارات العمل البديلة والآثار المتبادلة مع العمليات الأخرى مع القدرة على النقل الشامل للحلول والأساليب.

و- أن يمتلك من القدرات الاجتماعية ما تجعله قادرا على تخطيط وهيكلة العمليات التي تتم داخل بيئة العمل بطريقة تعاونية بما في ذلك داخل مجموعات غير متجانسة وإرشاد الآخرين وتقديم التعليمات القائمة على أسس سليمة وقادر على تقديم الحقائق والظروف المحيطة الممتدة عبر المجالات المهنية بطريقة هادفة إلى الفئة المستهدفة لهذه المعلومات كذلك التصرف بأسلوب استباقي في مراعاة مصالح ومتطلبات المستفيدين.

ز- أن يكون لديه من الاستقلالية ما تجعله قادرا على تدبر وتقييم أهداف التعلم الشخصية وأهداف التعلم المحددة خارجيا وتوجيه الذات نحو السعي وتحمل مسئولية هذه الأهداف وتحديد العواقب المتعلقة بعمليات العمل داخل الفريق.

ونتيجة لهذه المواصفات المعتبرة وغيرها في خريج الجامعات التكنولوجية، تعول الشركات العاملة في المجال التكنولوجي والخدمات المختلفة على الجامعات التكنولوجية لسد الفجوة في توفير كوادر مؤهلة قادرة على تلبية احتياجات السوق بمجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي التي تدخل في الصناعات المختلفة.

ويمكن القول، وفقا لذلك، إن الجامعات التكنولوجية في مصر ستساهم بشكل رئيسي في تعزيز تنمية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي بشكل كامل، وذلك من خلال دعم التوظيف، وسد فجوة المهارات والكفاءات التي يحتاجها القطاع، عن طريق زيادة التخطيطات والتخصصات، التي من شأنها أن تساعد في سد الفجوة في مجال التكنولوجيا.

وفي هذا السياق، أكد من جانبه الدكتور ماجد أبو العينين، عميد كلية التربية جامعة عين شمس السابق، على ضرورة التنسيق المستمر بين منظومة العمل والتعليم المرتبطة بالتكنولوجيا، لإفراز معايير وأدوات قادرة على ربط مراكز التدريب بالكليات والجامعات التكنولوجية بمتطلبات سوق العمل الفعلية، في ظل حالة التطور التي تشهدها التكنولوجيا يوميا، فما نراه متطورا اليوم لا يصلح للعمل ولا التعليم في المستقبل مع المنافسة المحمومة بين الدول في السباق التكنولوجي.

وأشار، إلى أنه وفقا للعديد من الدراسات فإن من المتوقع أن ينمو سوق تكنولوجيا الموارد البشرية العالمي من 04,24 مليار دولار في عام 2021 إلى 68,35 مليار دولار في عام 2028 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8,5%، وهو ما يكشف حجم النمو في هذا السوق على المستوي العالمي وأهدافه المتصلة بمصر خاصة مع تواجد عدد كبير من هذه الشركات في السوق المصرية وفي منطقة الشرق الأوسط، منوها إلى أنه في السنوات القليلة الماضية، كانت الهندسة هي الأكثر شيوعا، وأصبحت علوم الكمبيوتر الآن هي المسيطرة نظرا لأن أولياء الأمور يسمعون عن ذلك في وسائل الإعلام، ويسمعون عن فرص عمل، وهو ما نرصده حاليا حيث نرى المزيد من الطلاب المسجلين في دورات علوم الكمبيوتر.

وكشف استطلاع حديث لشبكة سي إن إن الأمريكية، حول سوق العمل في مصر أن 46% من المشاركين يرون أن المهارات التقنية والمهارات الشخصية ستكون بنفس القدر من الأهمية خلال السنوات العشر المقبلة، ويعتقد 44% أن المهارات التقنية ستكون أكثر أهمية من المهارات الشخصية، بينما يعتقد10% فقط أن المهارات الشخصية ستكون الأكثر أهمية، وتوقع المشاركون في الاستطلاع في الدولة بأن يزداد الطلب على هذه المهارات خلال السنوات الـ10 القادمة: مهارات الحاسوب/التكنولوجيا (96%)، وإدارة الوقت (93%)، ومهارات التفكير الإبداعي (92%) تليها الرؤية الاستراتيجية (91%)، والتفكير على مستوى عالمي (91%)، والتواصل (89%).

وتوافقا مع التوقعات الحالية، يعتقد 76% من المشاركين في الاستطلاع الذي أجرته شبكة سي إن إن الأمريكية، والسابق الإشارة إليه، أن العوامل التكنولوجية، مثل التحول الرقمي، والأتمتة، والذكاء الاصطناعي، وما إلى ذلك، ستساهم في تغيير طبيعة العمل مستقبلا.

ويمكن القول في هذا الخصوص بأن أتمتة العمليات الروبوتية هي أحد أهم المجالات التعليمية في مؤسسات التعليم العالي في العالم، حيث تعد حاليا منشئ وظائف جديدة، حيث توجد مجموعة متنوعة من الخيارات الوظيفية المتاحة، بما في ذلك المطور ومدير المشروع ومحلل الأعمال ومهندس الحلول والمستشار، بالإضافة إلى مجال الأمن السيبراني حيث سيظل أحد أكثر الاتجاهات تطورا في التكنولوجيا طالما أن المتسللين ما زالوا يحاولون الوصول بشكل غير قانوني إلى البيانات في جميع أنحاء العالم، ويذكر أن الطلاب الذين يختارون التخصص في هذا المجال لديهم الفرصة ليصبحوا إما محلل برامج ضارة أو مهندس أمان.

وتأسيسا على ذلك، فإن التوسع في إنشاء الكليات التكنولوجية مسار إجباري لا غنى عنه في ظل الاحتياج الضروري والملح لسوق العمل للتخصصات التكنولوجية المتطورة التي تحتاج مع التعليم الجديد التدريب والتطبيق لهذه العلوم وهو ما توفره هذه الكليات مما يعمل على سد الفجوة التي عانى من السوق لفترة طويلة في ضعف مخرجات الموارد البشرية المتخصصة في القطاعات التقنية المتنوعة.

4- الدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات التكنولوجية ونظام القبول والدراسة بها

تمنح الجامعات التكنولوجية بناء على اعتماد مجلس الجامعة، الدرجات العلمية الآتية:

أ- الدبلوم فوق المتوسط المهني في التكنولوجيا في التخصص: يلتحق للحصول عليه الطالب الحاصل على شهادة دبلوم المدارس الثانوية الفنية بكافة تخصصاتها وأنواعها، أو شهادة إتمام مرحلة التعليم الثانوي العام أو ما يعادلها.

ب- البكالوريوس المهني في التكنولوجيا في التخصص: يلتحق للحصول عليه الطالب الحاصل على الدبلوم فوق المتوسط المهني في التكنولوجيا في التخصص، أو ما يعادله من الشهادات الفنية.

ج- الماجستير المهني في التكنولوجيا في التخصص: يلتحق للحصول عليه الطالب الحاصل على درجة البكالوريوس المهني في التكنولوجيا في التخصص، أو ما يعادلها من درجات البكالوريوس التقنية والتكنولوجية.

د- الدكتوراه المهنية في التكنولوجيا في التخصص: يلتحق للحصول عليها الطالب الحاصل على درجة الماجستير المهني في التكنولوجيا في التخصص، أو ما يعادلها من درجات الماجستير التقنية والتكنولوجية.

ويحدد المجلس الأعلى للجامعات بناء على عرض المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي الاختبارات المؤهلة للقبول بالجامعات التكنولوجية، ومتطلبات الدراسة لكل درجة علمية، وجميع الأمور المتعلقة بالدراسة، وسيأتي شرح كل ذلك لاحقا في هذا البند.

كما تمنح الجامعات التكنولوجية دبلومات ودراسات متخصصة تكنولوجية لتلبية متطلبات سوق العمل في المجتمع المحيط بكل كلية، وكذا دراسات حرة للتعليم المستمر وتغيير المسار والتدريب المهني في المجالات التخصصية لكليات الجامعة، وذلك بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي.

ويجدر بالذكر بادئ ذي بدء أن الجامعات التكنولوجية تقبل طلاب الثانوية العامة بنسبة20% من إجمالي عدد المقبولين، وطلاب الدبلوم نظام الثلاث سنوات أو ما يعادلها، ونظام الخمس سنوات أو ما يعادلها، وخريجي المعاهد المتوسطة بنسبة 80% من إجمالي عدد المقبولين، ولجميع المتقدمين دون أي استثناء اختبارات قبول.

وهذه النسبة المئوية للقبول في الجامعات التكنولوجية إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الجامعات التكنولوجية الجديدة بمختلف المحافظات، تعد بمثابة رئة جديدة، ومتنفس حيوي لطلاب التعليم الفني “الدبلومات”، وقد أكد عدد من الخبراء والتربويين المتخصصين في مجالات التعليم، لـ”الوطن”، أن الجامعات التكنولوجية رافد جديد ينصف طلاب الشهادات الفنية ويحقق أحلامهم في الحصول على شهادة عليا تمكنهم من المنافسة في سوق العمل.

وقال الدكتور أحمد الصباغ، مستشار وزير التعليم العالي للتعليم الفني والتكنولوجي في هذا الصدد: إن “إنشاء جامعات تكنولوجية يعد استكمالا لمسار موازي للتعليم الفني بمرحلة التعليم ما قبل الجامعي، والذي لم يكن موجودا من قبل، وكان هناك3,2 ملايين طالب بالتعليم الفني ونسبة كبيرة منهم تسربت من التعليم ولم تكمل دراستها الفنية ما تسبب في نقص الأيدي العاملة المدربة والفنيين”.

ويعتبر قرار وزارة التعليم العالي بزيادة عدد الجامعات التكنولوجية، بابا لدعم التعليم الفني وجذب الطلاب إليه، بعدما كان مهملا طيلة عقود سابقة، بالإضافة إلى ربط التعليم بسوق العمل. وكانت الدكتورة راندا مصطفى وكيل لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشيوخ، قالت في وقت سابق، إن الجامعات التكنولوجية هي المستقبل الفترة المقبلة.

ومن ثم، فإن الجامعات التكنولوجية، مسار تعليمي جديد استحدثته الدولة لتلبية متطلبات الصناعة ومواكبة تطورات العصر في ضرورة توظيف تقنيين يتمتعون بمهارات مختلفة في مختلف قطاعات الصناعة والإنتاج، فضلا عن إتاحة الفرصة أمام طلاب التعليم الفني لتنمية مهاراتهم واستكمال تعليمهم العالي وصولا إلى أعلى الدرجات العلمية في تخصصاتهم التعليمية.

وفي الواقع، فإن القبول بتلك الجامعات لا يقتصر فقط على الحصول على مجموع الدرجات المطلوبة ولكن يجب على الطلبة المتقدمين خوض اختبارات للقدرات والمهارات التي تأهلهم وتضمن جودة وكفاءة الطالب وقدرته على الدراسة في تلك الجامعات.

وغالبا ما تتكون الاختبارات من ثلاثة أجزاء، جزء لقياس مهارات اللغة الإنجليزية، وجزء لقياس مهارات الحاسب الآلي، وجزء للمعلومات العامة في الرياضيات، وتبلغ مدة الاختبار ساعة ونصف، ويبلغ عدد الأسئلة50 سؤالا اختياريا من بين متعدد، ويشترط للنجاح الحصول على نسبة٦٠% من الدرجة النهائية.

ومن الجيد القول إن نظام الدراسة والحصول على الشهادة في الجامعات التكنولوجية مختلف بعض الشيء عن الجامعات الأخرى، إذ يمكن للطلاب بعد انتهاء العام الثاني بالجامعة التوقف عن الدراسة والحصول على شهادة الدبلوم العالي المهني.

كما أنه من الممكن أن يستمر الطالب بالدراسة عامين آخرين وسيحصل من خلالهما على درجة البكالوريوس المهني. وبعد الانتهاء من البكالوريوس بعد الدراسة 4 سنوات من الممكن أن يلتحق الطالب أسوة بالجامعات الأخرى بمرحلة الماجستير لإتمام الدراسة بعد المرحلة الجامعية والحصول على الماجستير المهني.

كما أنه بعد الحصول على الماجستير وفي حال أراد الطالب الحصول على درجة الدكتوراه فإن الأمر متاح، وسيحصل بعدها على الدكتوراه المهنية. هذا وتجدر الإشارة إلى أن الجامعات التكنولوجية توفر العديد من التخصصات لـ طلاب التعليم الفني مثل: الميكاترونكس، والأوتوترونكس، وتكنولوجيا الكهرباء والإلكترونيات، وتكنولوجيا أنظمة التحكم الصناعية، وتكنولوجيا الميكانيكا، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وعلوم البيانات، وتكنولوجيا صناعة الملابس الجاهزة، وغيرها من التخصصات التكنولوجية الجديدة.

والحقيقة الأكيدة أن طبيعة البرامج الدراسية بالجامعات التكنولوجية، والبرامج التدريبية التي يحصل عليها الملتحقون بها، تضمن توظيف غالبية الخريجين بلا شك، ومع ذلك، ينبغي الإشارة ونحن بصدد توظيف خريجي الجامعات التكنولوجية إلى أنه يجرى العمل والتنسيق مع قطاعات الصناعة المختلفة لخلق فرص عمل تتناسب مع مهارات الخريجين وليس مجرد فرص عمل عادية.

فمن جهته، قال الدكتور عربي كشك رئيس جامعة الدلتا التكنولوجية، إن الجامعات التكنولوجية تعقد البروتوكولات مع الشركات والمؤسسات الصناعية من أجل تدريب الطلاب، مشيرا إلى سعى كبرى الشركات والمصانع لاستقطاب أول دفعة قبل التخرج.

وبدوره، أكد الدكتور محمد وطني، رئيس اللجنة المنظمة للاحتفال بتخريج أول دفعة من طلاب الجامعات التكنولوجية، وجود أكثر من 1000 فرصة توظيف وتدريب في الملتقى لتوظيف جميع الخريجين. هذا وقد أقيم الاحتفال يوم الخميس الموافق 28 سبتمبر 2023، تحت عنوان “حفل تخرج الدفعة الأولى من طلاب الجامعات التكنولوجية.. توظيف وتدريب”، وشمل تخريج 375 طالبا، يمثلون الدفعة الأولى من طلاب الجامعات التكنولوجية الثلاثة، التي بدأت الدراسة بها عام 2019.

وتعد طريقة الدراسة في الجامعات التكنولوجية من أهم مميزاتها، حيث تعتمد على الدمج بين الدراسة التطبيقية والنظرية. وتنقسم ساعات الدراسة داخل الجامعات التكنولوجية إلى 40% نظري داخل القاعات، و60% عملي داخل المعامل بالجامعات أو بالمنطقة الصناعية القريبة من الجامعة أو المجمع الصناعي التابع لوزارة الصناعة.

ومن جانبه، أشار الدكتور أحمد الصباغ مستشار الوزير للتعليم الفني والتكنولوجي إلى أن الجامعات التكنولوجية تم تزويدها بالمعامل وورش العمل التي تم تجهيزها بأحدث الوسائط التكنولوجية والتي تعتمد على أحدث النظم العالمية مع استكمال الناقص منها؛ لتقديم تجربة تعليمية متميزة من خلال تدريب الطلاب عمليا وتطبيقيا؛ ليكونوا قادرين على المنافسة في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي.

وأضاف الصباغ أن الخطة المستقبلية للنهوض بالتعليم الفني والتكنولوجي، تشمل: دمج وتطوير المعاهد الفنية الصناعية مع الجامعات التكنولوجية، وتطوير المناهج التعليمية بالمعاهد الفنية لتتوافق مع الجامعات التكنولوجية، وتشجيع الشراكات الأكاديمية سواء على المستوى المحلي أو الدولي مع الجامعات التكنولوجية، وتفعيل المزيد من آليات التعاون بين المؤسسات التعليمية والصناعية.

ومن المهم الإشارة إلى أن الجامعات التكنولوجية تنتهج نهج مختلف في نظام التدريس المتبع وطريقة الامتحانات وهذا النظام يسمي نظام التعليم بالجدارات. وجدير بالقول إن أسلوب التقويم في نظام “الجدارات” يعتمد على التراكمية، بحيث يتم تقييم الطلاب بشكل مستمر طوال سنوات الدراسة، وقياس مدى تمكنهم من اكتساب المهارات المختلفة.

ويضم نظام الجدارة بداخله ثلاثة معايير للتقييم هي المهارة والمعرفة والسلوك، وهو نظام مختلف تماما عن النظام التقليدي الذي لا يستطيع تقييم هذه المعايير، لذلك يعمد النظام الحديث إلى تعليم الطالب الجزء المعرفي من خلال المناهج الدراسية، أما جزء المهارة فيكون من خلال التدريب العملي سواء في معامل الجامعات أو في المصانع بحيث تكون لديه الخبرة الكافية للدخول إلى سوق العمل فور التخرج، وأخيرا لابد أن يكون لدي الطالب السلوك المناسب للتعامل مع سوق العمل وتحقيق النجاح والجدارة المهنية.

وتقسم المصاريف في الجامعات التكنولوجية على مرحلتين، هما كالتالي: المرحلة الأولى: تضم المرحلة الأولى الفرقتين الأولى والثانية وتصل المصروفات إلى 8000 جنيه للفرقة الواحدة. المرحلة الثانية: تضم المرحلة الثانية الفرقتين الثالثة والرابعة، وتصل المصروفات إلى 12 ألف جنيه للفرقة، مع إمكانية تقديم تخفيضات على المصاريف للطلاب المتفوقين دراسيا والحالات الخاصة.

والجدير بالذكر أن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، قد أوضح أن القيم الاقتصادية التي تم صرفها على هذه الجامعات تجعلها غير هادفة للربح، وكشف أن تكلفة إنشاء إحدى الجامعات بلغت 15 مليار جنيه.

وأكد الدكتور عادل عبدالغفار المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي، أن تكلفة مصروفات الطالب في هذه الجامعات لا تتعدى 45% مقارنة بما تدفعه الدولة، موضحا أيضا أن أكثر من 20% من الأماكن المتاحة بهذه الجامعات عبارة عن منح دراسية سواء رئاسية أو البنوك أو الجامعات الحكومية.

إذن في سياق مما سبق يتبين لنا أن الجامعات التكنولوجية تمثل نقطة جديدة لطلاب الشهادات الفنية للانطلاق والانخراط في وظائف المستقبل، وواقع الحال أن التفكير خارج الصندوق في التعليم الجامعي المصري شهد طفرة كبيرة أدت إلى التقدم الشديد الذي تشهده جميع القطاعات وظهور العديد من الجامعات في أكبر التصنيفات العالمية، ولعل وجود رافد جديد للتعليم الفني خطوة على الطريق الصحيح للتعليم الجامعي المصري.

والقول الجيد هنا إن القانون رقم 72 لسنة 2019 الذي ينص على إنشاء الجامعات التكنولوجية التي تمنح الطلاب شهادة البكالوريوس في التخصصات المهنية والحرفية المختلفة كان نقطة تحول مهمة في مسيرة التعليم الفني في مصر، حيث ساهمت هذه الجامعات في سد الفجوة بين الحاصلين على الدرجات العلمية للتخصصات العملية وخريجي التعليم الفني العادي وهو ما يصب في تنمية وتطوير الصناعة المصرية بكوادر مهنية وعلمية لديها خبرة كبيرة في المجالات الصناعية المختلفة، فمن المعروف جيدا أن الأيدي العاملة هي الركيزة الأساسية لنهضة الدولة في كافة مجالات التطوير والتنمية، لذلك تسعى الدولة جاهدة إلى تحديث التعليم الفني ليتلاءم مع حجم التطور الاقتصادي المنشود.

5- مجالس الجامعات التكنولوجية وقياداتها

يتولى المجلس الأعلى للجامعات وضع استراتيجية التعليم التكنولوجي ورسم السياسة العامة له والعمل على توجيهها وتنسيقها في إطار الاستراتيجية العامة للدولة بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي.

علما بأنه يشكل للتعليم التكنولوجي مجلس أعلى، برئاسة الوزير المختص أو من ينيبه، وعضوية أمين المجلس الأعلى للجامعات، ورؤساء الجامعات التكنولوجية، وثلاثة أعضاء من ذوي الخبرة في المجالات التكنولوجية المختلفة يعينون لمدة سنتين بقرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجامعات، وممثل لكل من وزارات الدفاع، الإنتاج الحربي، التربية والتعليم والتعليم الفني، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التجارة والصناعة، القوى العاملة.

ويتولى أمانة المجلس أحد الأساتذة العاملين بالجامعات المصرية من ذوي الخبرة في المجالات التكنولوجية، يعين بقرار من الوزير المختص لمدة سنتين قابلة للتجديد. وللمجلس أن يدعو لحضور اجتماعاته من يراه من الخبراء دون أن يكون له صوت معدود.

ولابد من التأكيد على أن المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يتولى معاونة المجلس الأعلى للجامعات في وضع السياسات العامة والخطط التنفيذية المرتبطة بالتعليم التكنولوجي في إطار السياسة العامة للتعليم الجامعي، وله على الأخص ما يأتي:

أ- وضع النظم العامة لتطوير الأداء في الجامعات التكنولوجية.

ب- إعداد الخطط اللازمة لتطوير التعليم التكنولوجي.

ج- وضع الضوابط والأطر العامة التي تضمن التنسيق بين الجامعات التكنولوجية وتعاونها، بما يضمن حسن استغلال مواردها وتنميتها.

د- إبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح والقرارات المنظمة للتعليم التكنولوجي.

ه- إبداء الرأي فيما يعرضه عليه الوزير المختص أو رؤساء الجامعات التكنولوجية من الموضوعات التي تدخل في اختصاصاته.

وأما نافلة القول إن الجامعات التكنولوجية تتكون من عدد من الكليات والمعاهد التكنولوجية، ويكون إنشاء الكلية أو المعهد بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص، وبعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي وأخذ رأي مجلس الجامعة.

فيما تتكون كل كلية تكنولوجية أو معهد تكنولوجي من عدد من الأقسام، يحدد بقرار من الوزير المختص بناء على عرض مجلس الجامعة، وبعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي.

ويتولى إدارة الجامعة التكنولوجية:

أ- مجلس الجامعة.

ب- رئيس الجامعة.

فيما يتولى إدارة كل كلية أو معهد تكنولوجي تابع للجامعة:

أ- مجلس الكلية أو المعهد.

ب- عميد الكلية أو المعهد.

كما يتولى إدارة كل قسم علمي من الأقسام التابعة للكليات أو المعاهد التكنولوجية:

أ- مجلس القسم.

ب- رئيس مجلس القسم.

ويشكل مجلس الجامعة التكنولوجية برئاسة رئيس الجامعة، وعضوية كل من:

أ- نواب رئيس الجامعة.

ب- عمداء الكليات والمعاهد التكنولوجية التابعة للجامعة.

ج- أمين عام الجامعة.

د- سبعة أعضاء على الأكثر من ذوي الخبرة في نظم التعليم التكنولوجي الحديثة، يتم تعيينهم بقرار من الوزير المختص بناء على عرض رئيس الجامعة، لمدة سنتين قابلة للتجديد.

وللمجلس أن يدعو من الخبراء وممثلي سوق العمل من يراه لحضور اجتماعاته دون أن يكون له صوت معدود.

ويجدر بالذكر أن مجلس الجامعة التكنولوجية هو السلطة العليا المهيمنة على شؤونها ورسم السياسة العلمية والمالية والإدارية لها في حدود التشريعات القائمة، وله أن يتخذ ما يراه من قرارات لتحقيق أهداف الجامعة.

ويصدر بتعيين رئيس الجامعة التكنولوجية قرار من رئيس الجمهورية، بناء على عرض الوزير المختص، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، فإذا لم تجدد مدته أو ترك رئاسة الجامعة عاد إلى الوظيفة التي كان يشغلها قبل توليه المنصب.

ويشترط فيمن يعين رئيسا للجامعة أن يكون مصريا، وأن يكون قد شغل وظيفة أستاذ في إحدى الجامعات لمدة خمس سنوات على الأقل.

ويتولى رئيس الجامعة التكنولوجية إدارة شؤونها العلمية والمالية والإدارية، وإصدار القرارات والتعليمات اللازمة لحسن سير العمل بها، ويكون مسؤولا عن تنفيذ السياسة العلمية الخاصة بأهداف الجامعة، وتنفيذ قرارات مجلس الجامعة، ويمثل الجامعة في صلاتها بالغير وأمام القضاء.

مع العلم بأنه يكون لرئيس الجامعة التكنولوجية نواب يصدر بتعيينهم وتحديد اختصاصاتهم قرار من الوزير المختص بناء على عرض رئيس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الجامعة، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.

ومن زاوية أخرى، فإن مجلس الكلية أو المعهد التكنولوجي يشكل برئاسة عميد الكلية أو المعهد وعضوية كل من:

أ- وكلاء الكلية أو المعهد.

ب- رؤساء الأقسام التابعة للكلية أو المعهد.

ج- خمسة من أعضاء هيئة التدريس بالأقسام التابعة للكلية يختارهم رئيس الجامعة التكنولوجية سنويا بناء على عرض عميد الكلية.

د- ثلاثة من ذوي الخبرة في المجالات المتعلقة بعمل الكلية يعينهم رئيس الجامعة التكنولوجية بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد، وذلك لمدة سنتين قابلة للتجديد.

وللمجلس أن يدعو من الخبراء وممثلي سوق العمل من يراه لحضور اجتماعاته دون أن يكون له صوت معدود.

ويجدر القول بأن عميد الكلية التكنولوجية يعين لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار من الوزير المختص بناء على عرض رئيس الجامعة التكنولوجية، وذلك من بين ثلاثة أساتذة ترشحهم لجنة متخصصة في ضوء مشروع لتطوير الكلية التكنولوجية يتقدم به طالب الترشح.

ويصدر بآلية تشكيل اللجنة المشار إليها وبتنظيم عملها وضوابط وإجراءات وشروط الترشح ومعايير المفاضلة قرار من الوزير المختص بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي.

وفي حالة خلو الكلية التكنولوجية من الأساتذة، لرئيس الجامعة التكنولوجية أن يندب أحد الأساتذة من الكليات التكنولوجية التابعة للجامعة أو أحد الأساتذة المساعدين من ذات الكلية للقيام بأعمال العميد، وحال تعذر ذلك يجوز ندب أحد الأساتذة المتخصصين بإحدى الجامعات الأخرى للقيام بأعمال العميد.

وتجوز إقالة العميد من منصبه قبل نهاية مدته بقرار من رئيس الجامعة التكنولوجية بناء على طلب مجلس الجامعة التكنولوجية في حالة إخلاله بواجباته الجامعية أو بمقتضيات مسؤولياته الوظيفية.

وعلى صعيد متصل، يشكل مجلس القسم العلمي بالكلية أو المعهد التكنولوجي برئاسة رئيس مجلس القسم، وعضوية كل من:

أ- جميع الأساتذة، والأساتذة المساعدين بالقسم.

ب- خمسة من المدرسين بالقسم على الأكثر، يتناوبون العضوية فيما بينهم دوريا كل سنة بالأقدمية في وظيفة مدرس.

وفي جميع الأحوال يجب ألا يجاوز عدد المدرسين في المجلس عدد باقي أعضاء هيئة التدريس فيه (أساتذة وأساتذة مساعدين).

وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس القسم يعين لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بموجب قرار من رئيس الجامعة التكنولوجية بناء على عرض عميد الكلية التكنولوجية، وذلك من بين ثلاثة أساتذة ترشحهم لجنة متخصصة في ضوء مشروع لتطوير القسم في جميع المجالات يتقدم به طالب الترشح.

ويصدر بآلية تشكيل اللجنة المشار إليها وبتنظيم عملها وضوابط وإجراءات وشروط الترشح ومعايير المفاضلة قرار من الوزير المختص بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي.

وفي حالة وجود أستاذ واحد بالقسم يتولى رئاسة مجلسه، وفي حالة عدم وجود أساتذة بالقسم يتولى أقدم الأساتذة المساعدين فيه القيام بأعمال رئيس مجلسه، ويكون له بهذا الوصف حق حضور مجلس الكلية التكنولوجية فيما عدا النظر في شؤون توظيف الأساتذة.

وتجوز إقالة رئيس مجلس القسم من منصبه قبل نهاية مدته بقرار من رئيس الجامعة التكنولوجية بناء على طلب مجلس الكلية التكنولوجية في حالة إخلاله بواجباته الجامعية أو بمقتضيات مسؤولياته الوظيفية.

وأخيرا، فإن شغل وظائف أعضاء هيئة التدريس بالجامعات التكنولوجية ومعاونيهم يكون بموجب عقود توظيف مؤقتة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة. وتنتهي مدة شغل تلك الوظائف بانتهاء المدة المحددة بتلك العقود ما لم يتم تجديدها.

وعلى العموم فإن اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الجامعات التكنولوجية رقم 72 لسنة 2019 تضع جميع الأحكام اللازمة لتنفيذه، وعلى الأخص المسائل الآتية:

أ- نظام العمل بالجامعات التكنولوجية.

ب- شؤون التعليم والطلاب.

ج- شؤون الدراسات العليا.

د- الشؤون الفنية والمالية والإدارية.

ه- تحديد المصروفات الدراسية، ويجوز تحديدها للطلاب الوافدين بإحدى العملات الأجنبية.

و- المعاملة المالية لشاغلي الوظائف الجامعية القيادية بالجامعات التكنولوجية.

وخلاصة الأمر أن الجامعات التكنولوجية، تحقق معادلة تتكامل فيها كل أهداف مؤسسات الدولة المعنية بهذا الملف لتنمية مهارات الشباب، وربط التعليم والتدريب المهني بسوق العمل، في ظل الدعم غير المسبوق الذي تقدمه القيادة السياسية لتلك الجامعات، وفق أعلى المعايير العالمية، لتوفير مسار جديد متكامل للتعليم والتدريب التطبيقي والتكنولوجي في مصر، يتماشى مع سرعة التحول الرقمي والتكنولوجي في العالم، والذي يؤثر بطبيعة الحال في عالم العمل ويتأثر به.

وقد أشار حسن شحاتة وزير العمل، إلى أنه بتخريج أول دفعات الجامعات التكنولوجية، هو بمثابة ميلاد تعليم تكنولوجي يقدم خدمات تعليمية وتدريبية متكاملة ذات جودة مناظرة لنظم الجودة العالمية، يسمح بإعداد خريج قادر على المنافسة في أسواق العمل المحلية والإقليمية والعالمية، والتي تحققها الجامعات التكنولوجية التي نعتبرها بمثابة جسر العبور للمستقبل، والمنبع الرئيسي والمورد الأكيد لوظائف المستقبل التي يحمل العالم بأثره هم توفيرها، لأن هناك وظائف تكنولوجية مطلوبة وفقا للتطورات التكنولوجية الحديثة، ستبحث عن عاملين.

خاتمة

لا نحقق الأعمال بالتمنيات، إنما الإرادة تصنع المعجزات. هذا ما حدث خلال السنوات الماضية، حيث اتجهت الدولة المصرية بقوة نحو التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية، وبدأت بـ 3 جامعات أعقبها إنشاء 7 جامعات أخرى، ولم يتوقف المسار عند هذا الحد ليتم الإعلان أخيرا عن تخطيط الدولة لإنشاء 17 جامعة أخرى، ليصبح لدينا 27 جامعة بما يعنى أنه ستكون هناك جامعة في كل محافظة، لتلبية احتياجات المناطق الصناعية في كل منطقة جغرافية لتوفير العمالة المدربة لها، وكذلك توفير احتياجات المشروعات القومية التي نفذتها الدولة أو تلك التي تسعى لتنفيذها خلال المرحلة المقبلة.

إن الجامعات التكنولوجية نموذج حي لمؤسسات تعليمية تنتهج الأسلوب الحديث في الدمج بين التعليم والتدريب في مختلف التخصصات والمجالات التي يحتاج إليها سوق العمل في مصر، فهي أكبر داعم لتوفير احتياجات أصحاب الأعمال من المهن المطلوبة حديثا والمهارات اللازمة لها، من خلال منهج علمي قائم على استهداف تنمية المهارات والجدارات لدى الطالب لينطلق من الجامعة إلى المصنع مباشرة، وهو يجيد كافة المهارات اللازمة لمباشرة عمله.

ولا شك في أن قيام الدولة المصرية بالتوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية يؤكد تنفيذ سياسة ربط التعليم والتدريب المهني باحتياجات سوق العمل على أرض الواقع، وأن تنمية مهارات الشباب وفقا لمعايير العالمية، ووظائف المستقبل أصبح لها بشائر خير، من خلال تخريج شباب مصري قادر على العمل في سوق العمل الداخلي والخارجي بكل مهارة وإتقان.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن التعليم التكنولوجي يعد أحد المسارات الهامة في التعليم الجامعي، حيث تهدف الجامعات التكنولوجية إلى تأهيل الخريجين؛ ليكونوا قادرين على تلبية متطلبات سوق العمل، مشيدا ببروتوكولات التعاون التي تم توقيعها بين الجامعات والمؤسسات الصناعية والتعليمية المختلفة؛ لتدريب الطلاب عمليا وصقل خبراتهم وقدراتهم ليكونوا بمثابة إضافة قوية لسوق العمل.

وقد كشف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وهو هيئة حكومية مصرية تابع لرئيس مجلس الوزراء ومقره في العاصمة المصرية القاهرة، عن دور الجامعات التكنولوجية في جذب آلاف الطلاب من خلال تخصصات جديدة، موضحا أن الجامعات التكنولوجية تستهدف 9 تخصصات جديدة. وأشار من خلال تقرير نشره عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، إلى أن إقبال الطلاب تزايد على اختيار مسار التعليم التكنولوجي بالجامعات التكنولوجية بما يتوافق مع المتطلبات الجديدة لسوق العمل؛ حيث توفر الجامعات التكنولوجية مسارا جديدا لخريجي التعليم الفني والعام، لدراسة تخصصات جديدة.

والقول الجيد إن التعليم التكنولوجي أحد أهم الأركان الأساسية بالمنظومة التعليمية، والركن القوي الذي تعده الدولة، لتحقيق التنمية المستدامة وفقا لاستراتيجية مصر2030، فهو قاطرة التنمية بالأمم ويلعب دورا مهما في عملية التنمية الاقتصادية من خلال المساهمة في إمداد سوق العمل بالقوى العاملة المؤهلة التي من شأنها تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني. وتأتي خطوة الاتجاه إلى الجامعات التكنولوجية، لأهمية دور التعليم التكنولوجي في سد الفجوة الموجودة في سوق العمل بالعديد من القطاعات، والتي تخدم الدولة من خلال البرامج التكنولوجية الجديدة التي تواكب العصر في ظل التطور الذي تشهده مصر بمجال الصناعة، والحاجة لخريجين مؤهلين في الفترة القادمة قادرين على استيعاب التكنولوجيات الحديثة وتطورها وكذلك على الإبداع والتميز والابتكار.

إذن تمثل الجامعات التكنولوجية رافدا مهما لتوفير متطلبات سوق العمل المحلية والدولية، فالدولة تتجه بقوة نحو التنمية في شتى المجالات، وفى ظل الزيادة الملحوظة في الاستثمار ومعدلات إنشاء المصانع في مختلف المحافظات المصرية، والانطلاقة الكبرى التي تشهدها الدولة نحو التنمية المستدامة، صارت الحاجة ملحة إلى خريجين مؤهلين لاقتحام سوق العمل، وكان الخلل في ربط مخرجات التعليم بسوق العمل وراء توجه الدولة بقوة نحو إنشاء الجامعات التكنولوجية، والتوسع فيها ليكون خريجيها مؤهلين للعمل في مختلف التخصصات الدقيقة التي تتواكب مع الثورة الصناعية التي تنطلق مصر بقوة نحوها لتحقيق التنمية الشاملة.

ولعل توجه الدولة للتوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية يعكس اهتمامها بهذه المنظومة، ولاشك في أن نجاح التجربة في الجامعات الـ 10 السابقة، والتوجه نحو افتتاح وتشغيل 17 جامعة أخرى، يؤكد أن هناك تطورا جيدا في مسار التعليم الفني، بهدف تقديم كوادر عالية التدريب وعالية المهارة للقطاع الصناعي المصري، واعتقد أن هذا الاتجاه التعليمي سيساعد بشكل فعال على زيادة تطوير ورفع كفاءة وجودة المنتجات الصناعية المصرية، وسوف يجعلها أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق العالمية، حيث تقدم هذه الجامعات خريجا متميزا يجمع بين التأهيل العلمي الاكاديمي، والتدريب والممارسة العملية في المصانع والمؤسسات الصناعية.

ويبدو دعم اتحاد الصناعات واضحا لهذه الجامعات، من خلال بروتوكولات التعاون بين الاتحاد والعديد من الجامعات التكنولوجية، بهدف تعزيز العلاقة بين منظومة الجامعات التكنولوجية والجهات الصناعية، وتحقيق التكامل بين مناهج وطرق التدريس وفق أحدث النظم المتبعة في التعليم التكنولوجي دوليا واحتياجات سوق العمل، وكذلك توفير فرص التدريب العملي للطلاب وتأهيلهم للعمل بعد التخرج، لخدمة سوق العمل المحلية والدولية. وفي هذا الصدد فإنه يجوز لهذه الجامعات عقد شراكات مع كيانات دولية من الكيانات العاملة في نفس المجال المنشأة من أجله الجامعة، مع مراعاة القوانين والضوابط الحاكمة والمنظمة لهذا الشأن، حيث تعتبر كل جامعة تكنولوجية هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، وتكون لها شخصية اعتبارية مستقلة، وتتبع الوزير المختص.

والخلاصة إذن: يقول المثل المعروف (الحاجة أم الاختراع)؛ فكل اختراع قد صنع لسد حاجة معينة قد تكون مشكلة أو تحديا أو من أجل الرفاهية أو الحصول على المال.. إلخ. ففي ظل النهضة الشاملة التي تشهدها مصر حاليا، وفى ضوء التوسع في الاستثمار الصناعي المحلى والعربي والأجنبي، واحتياج المصانع إلى عمالة مؤهلة ومدربة، اتجهت الدولة إلى التوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية، التي بدأت بإنشاء 3 جامعات تكنولوجية في بني سويف، والقاهرة الجديدة، وقويسنا، تلاها 7 جامعات أخرى جديدة، لتلبية احتياجات المصانع من التكنولوجيين والفنيين المؤهلين للمنافسة في سوق العمل. إن قرار إنشاء الجامعات التكنولوجية يؤكد اهتمام الدولة بشبابها وحرصها على تأهيلهم لسوق العمل إقليميا ودوليا، تماشيا مع متطلبات الثورة الصناعية وتخصصات المستقبل. وإحقاقا للحق فإن هذه الجامعات أنشئت تنفيذا لتوجيهات الرئيس “عبدالفتاح السيسي”، والخاصة بالتوسع في إنشاء الجامعات التكنولوجية على مستوى الجمهورية، وهى الخطوة التي انطلقت بصدور قانون إنشاء الجامعات التكنولوجية الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2019.

وختاما: إن التعليم الجامعي والبحث العلمي في مصر يشهدان دعما غير مسبوق من القيادة السياسية لإيمانهم الشديد بأن التقدم لا يأتي إلا بوجود تعليم قوى وبحث علمي متميز يهدف في النهاية إلى خدمة وتنمية المجتمع المصري بمختلف القطاعات. وإن مصر أمامها فرص واعدة لتحقيق تطورا سريعا في دمج التكنولوجيا بمختلف المجالات لكن مازال سوق العمل يحتاج الكثير من دعم الكوادر البشرية وتنمية القدرات بما يتناسب مع احتياجات الأسواق المحلية والخارجية. ولا شك في أن التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم في كل لحظة يستوجب توجيه الجهود لزيادة أعداد الدارسين في الكليات التكنولوجية لمسايرة التغيرات التي فرضها هذا التطوير على الوظائف التقليدية والتوسع في الوظائف المستقبلية. وهنا، تجدر الإشارة إلى أهمية عمل حملات توعية مجتمعية للتعريف بالجامعات التكنولوجية من حيث برامجها وتخصصاتها التي تقدمها، وتوعية الشباب بأهمية التعليم التكنولوجي للمستقبل. وفي هذا الصدد، من الضروري أن يعمل الإعلام على زرع الفكر الابتكاري في الأسر وأيضا الطلاب، لخلق جيل جديد قادر على التكيف مع المتغيرات التكنولوجية. غير أنه من المهم جدا العمل دائما خلال الفترة المقبلة على تذليل جميع العقبات تجاه تلك الجامعات والتوسع في تخصصاتها العلمية في ظل توجهات الدولة في هذا الشأن.

المراجع

  • الجريدة الرسمية – العدد 22 (مكرر) في 3 يونيه سنة 2019، قانون رقم 72 لسنة 2019 بإصدار قانون إنشاء الجامعات التكنولوجية.
  • اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء الجامعات التكنولوجية الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2019 متاح على:

https://lawyeregypt.net/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A6%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B1%D9%82%D9%85-72-%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-2019/

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى