التميمي يدعو إلى إصدار دليل يتضمن نصوص القوانين والمواثيق الدولية والإقليمية والعربية المنظمة لمهنة الإعلام
قدم الوزير المفوض الدكتور علاء التميمي، مدير إدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية بجامعة الدول العربية، ورقة بحثية بعنوان “تحديات الوعي بالقوانين والمواثيق الدولية والإقليمية والعربية المنظمة لمهنة الإعلام”، في أعمال جلسة العمل المتخصصة بعنوان “الإعلام العربي.. الفرص والتحديات في عالم متغير”، ضمن أعمال قمة “الإبداع الإعلامي للشباب العربي”، التي نظمتها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري يومي 27 و28 أكتوبر 2024.
وأوضح أن الباحثين في مجال الإعلام اعتادوا عند تناولهم لموضوع التحديات التي تواجه وسائل الإعلام أو الإعلاميين في الدول العربية، على البحث في التحديات الخارجية التي تضع الإعلام العربي في مواجهة الآخر، “وهنا علينا أن نبدأ بمواجهة الذات قبل مواجهة الآخر، وننطلق من فرضية مفادها أنّ الإعلام العربي يواجه تحديات خارجية وداخلية، ولكي يتمكن من التصدي لهذه فرضيّة، فإن الواقع الميداني يخبرنا بوجود وسائل إعلام متعددة منطلقة من كل دولة عربية. وطالما لا وجود لبرنامج إعلامي عربي متكامل اتفقت عليه الدول العربية، فإنّ التحديات إذن تواجه الإعلاميين العرب، وليس الإعلام العربي، أما الأنشطة الإعلامية العربية بمختلف تسمياتها وتوجهاتها فهي أنشطة في غالبيتها قطرية، وتبدو المؤسسات الإعلامية المنطلقة من الدول العربية متنافسة ولا ناظم لها، ولكل منها استراتيجياتها وفقًا لمراميها السياسية والمصلحية”.
وقد استعرض التميمي في ورقته البحثية محورين أساسيين، أولهما: أبرز تحديات الوعي بالقوانين والمواثيق الدولية والإقليمية والعربية المنظمة لمهنة الإعلام، وهي:
التحدي الأول – توازن حرية التعبير والمسؤولية القانونية: تمثل حرية التعبير أحد الحقوق الأساسية المكفولة في معظم دساتير الدول، إلا أن ممارستها في مهنة الإعلام غالبًا ما تصطدم بقوانين تحد من هذه الحرية بهدف حماية المصالح العامة والخاصة، وعلى الصحفيين أن يوازنوا بين “المصلحة العامة” و”الحق في الخصوصية” عند نشر الأخبار المتعلقة بالأفراد.
التحدي الثاني – القوانين التنظيمية والمحتوى الرقمي: مع التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت، أصبح من الصعب على القوانين التقليدية السيطرة على المحتوى الإعلامي الرقمي. في هذا السياق، يواجه الإعلاميون والمنصات الإعلامية الرقمية تحديات تتعلق بتنظيم المحتوى وحماية الملكية الفكرية وحقوق النشر.
التحدي الثالث – حماية المصادر الصحفية: يعتمد الصحفيون على معلومات سرية من مصادر قد تكون معرضة للخطر في حال الكشف عنها. في هذا السياق، تواجه مهنة الإعلام قوانين تحد من قدرة الصحفي على الحفاظ على سرية المصادر.
التحدي الرابع – التشهير والافتراء والأمن القومي: وهي تمثل تحديًا كبيرًا للصحفيين، خصوصًا عندما يتم نشر معلومات غير دقيقة قد تضر بسمعة شخص أو مؤسسة أو نشر معلومات حساسة تتعلق بالأمن القومي يـؤدي إلى ملاحقة الصحفيين قانونيًا.
التحدي الخامس – الصحافة الاستقصائية والملكية الفكرية: والتأكد من أن المحتوى المستخدم لا ينتهك حقوق الملكية الفكرية مثل استخدام صور أو نصوص محمية دون إذن قد يؤدي إلى دعاوى قضائية بموجب قوانين حقوق النشر.
التحدي السادس – نقص أو ضعف الوعي بالمواثيق الدولية الخاصة بالإعلام: رغم وجود العديد من المواثيق الدولية التي تهدف إلى حماية حرية الإعلام وضمان ممارسته بشكل أخلاقي ومسؤول، فإن العديد من الإعلاميين ليس لديهم وعي كافٍ بهذه المواثيق.
التحدي السابع – التباين بين التشريعات المحلية والمواثيق الدولية: في كثير من الأحيان، تتعارض التشريعات المحلية مع المبادئ التي وضعتها المواثيق الدولية، مما يضع الإعلاميين في موقف صعب.
التحدي الثامن – العلاقة بين الوعي بالمواثيق وتحقيق حرية الصحافة: غياب الوعي الكافي بالمواثيق الدولية يؤدي إلى ضعف الالتزام بالمعايير المهنية والأخلاقية في الصحافة، مما يؤثر بشكل سلبي على حرية الإعلام.
أما المحور الثاني فتناول فيه أبرز المواثيق الدولية والإقليمية والعربية، وهي: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966، واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، واتفاقية اليونسكو حول حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي (2005)، واتفاقية جنيف الرابعة (1949) والبروتوكولات الإضافية (1977)، أما بالنسبة لأبرز المواثيق العربية، فهي: إعلان مبادئ حرية التعبير والإعلام في العالم العربي (2016)، ووثيقة المبادئ العامة لتنظيم البث والاستقبال الفضائي (2008)، والميثاق العربي لحقوق الإنسان (2004)، وإعلان الدار البيضاء حول حرية الصحافة (1999)، وميثاق الشرف الإعلامي العربي (1978).
وقد توصلت الورقة البحثية إلى مجموعة من التوصيات؛ أبرزها: تنظيم برنامج تدريبي مستمر للإعلاميين بالتعاون بين الأكاديمية العربية وجامعة الدول العربية (قطاع الإعلام والاتصال)، يستهدف تدعيم وعي الإعلاميين بالمواثيق الدولية والإقليمية وأخلاقيات العمل الإعلامي، وإطلاق برنامج بحثي عن أخلاقيات العمل الإعلامي وتدريبها كمنهاج لطلبة كليات الإعلام يراعي التأثيرات المستحدثة للوسائل الإلكترونية على أداء الوسائل التقليدية، وإصدار دليل بالتعاون بين الاكاديمية العربية وجامعة الدول العربية (قطاع الإعلام والاتصال) يتضمن نصوص القوانين واللوائح والمواثيق الدولية والإقليمية المنظمة لمهنة الإعلام، وتعزيز التعاون بين وسائل الإعلام والمحامين المتخصصين في الإعلام، وهذا التعاون يسهم في تقديم استشارات قانونية للمؤسسات الإعلامية، ويساعد في منع حدوث انتهاكات قانونية أو أخلاقية، وإنشاء منصة إلكترونية لنشر المواثيق وتفسيرها: توفر معلومات محدثة حول المواثيق الدولية والإقليمية الخاصة بمهنة الإعلام، مع شرح وتفسير مفصل لهذه المواثيق بحيث تكون متاحة للإعلاميين في أي وقت.