الرئيسيةالشام والعراق

التحولات السياسية والاقتصادية في المشرق العربي.. بين الانفتاح الإقليمي والتحديات الأمنية والمعيشية

القاهرة: علي فوزي

تشهد منطقة المشرق العربي هذه الأيام تحولات مهمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، مع انفتاح عربي متزايد ودعم دولي غير مسبوق، وسط محاولات لإعادة ترتيب المشهد الداخلي وتحسين الأوضاع المعيشية في دول المنطقة. ورغم هذه التحركات الإيجابية، لا تزال البلاد تواجه تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، في ظل استمرار ظهور تنظيمات متطرفة وضغوط معيشية على المواطنين.

حيث شهدت سوريا في الفترة الأخيرة تحولات لافتة تعكس مرحلة جديدة من الانفتاح العربي، يقابلها حراك داخلي لإعادة ترتيب المشهد السياسي والاقتصادي، في وقت لا تزال التحديات الأمنية والضغوط المعيشية تلقي بظلالها على واقع البلاد. فعلى المستوى الدبلوماسي، كانت أولى خطوات الرئيس السوري أحمد الشرع بعد توليه منصبه، زيارة رسمية إلى الكويت، حيث أكد من هناك على تمسك دمشق بالعلاقات الأخوية مع الدول العربية، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون والتضامن لمواجهة تحديات المنطقة.

مصر السيسي الذكاء الاصطناعي

الزيارة التي وُصفت بـ”الرمزية”، شهدت مباحثات رسمية مع أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، وتناولت سبل دعم الاستقرار في سوريا وتوطيد العلاقات الثنائية، وهو ما اعتبرته الرئاسة السورية خطوة باتجاه تحقيق التكامل العربي.

اقتصاديًا، أعادت الحكومة السورية فتح سوق دمشق للأوراق المالية بعد إغلاق استمر ستة أشهر، ضمن جهود تستهدف تنشيط الاستثمار المحلي والتحول نحو الرقمنة، في ظل تحضيرات لتحويل السوق إلى كيان خاص. تزامن هذا مع تطور دولي غير مسبوق، تمثل في إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تخفيف العقوبات المفروضة على دمشق، ضمن توجهات جديدة تهدف إلى دعم جهود إعادة الإعمار وتثبيت الاستقرار. واعتبرت وزارة الخارجية الألمانية هذا القرار بمثابة منح السوريين فرصة لإعادة بناء بلادهم بأيديهم. وفي هذا السياق، تم الإعلان عن توقيع اتفاقية طاقة بقيمة سبعة مليارات دولار مع شركات من قطر وتركيا والولايات المتحدة، لتطوير محطات كهرباء ومزرعة شمسية، ما يعكس بداية تحولات بنيوية في البنية التحتية الاقتصادية.

لكن، وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية، لا تزال الأوضاع المعيشية تمثل عبئًا ثقيلًا على المواطن السوري. فقد سجلت الليرة السورية تراجعًا جديدًا أمام الدولار في السوق السوداء، ليتجاوز سعر الصرف حاجز 9,250 ليرة للدولار في دمشق، مع تفاوتات واسعة بين المحافظات، مما يفاقم من أزمة القدرة الشرائية للمواطنين.

داخليًا، تتواصل اللقاءات بين الحكومة و”قوات سوريا الديمقراطية” ضمن جهود متابعة تنفيذ اتفاق 10 مارس، وسط تأكيد على التركيز على القضايا الفنية وتجنب الملفات الخلافية، في محاولة لرسم ملامح مرحلة انتقالية أكثر استقرارًا. بالتزامن، أفادت مصادر محلية ببدء عودة آلاف اللاجئين السوريين من الخارج، خصوصًا إلى المناطق الشمالية والوسطى، في مؤشر على تحسن نسبي في الوضع الأمني بعد سقوط نظام الأسد.

الشام سوريا لبنان

ميدانيًا، شهدت منطقة ريف دير الزور الشرقي انسحابًا مفاجئًا للقوات الأمريكية من قاعدتين عسكريتين، رافقه تحليق مكثف للطيران التابع للتحالف الدولي، ما أثار تساؤلات حول مستقبل التواجد الأمريكي في شرق الفرات. وفي تطور مقلق، أعلنت مصادر أمنية عن تعيين تنظيم “داعش” للقيادي السابق في “جبهة النصرة”، أبو دجانة الجبوري، واليًا على محافظة حلب، في خطوة تعكس محاولات التنظيم لإعادة بناء نفسه في ظل الفراغات الأمنية التي تشهدها بعض مناطق الشمال السوري.

في مشهد حمل الكثير من الرمزية، عاد المصور البريطاني الشهير دون ماكولين إلى مدينة تدمر التاريخية في زيارة وصفها بـ”الوداعية”، مشيرًا إلى أن المدينة، رغم الدمار، لا تزال تمثل روح سوريا الحضارية. وأطلق دعوة للمجتمع الدولي من أجل دعم جهود ترميم التراث السوري والحفاظ عليه.

فلسطين مصر قطر الهدنة

على الصعيد الإقليمي، تصاعد التوتر في قطاع غزة مع شن سلاح الجو الإسرائيلي غارات مكثفة على مناطق سكنية في جباليا، ما أسفر عن مقتل 19 فلسطينيًا، بينهم أطفال وسيدات، إلى جانب وجود عشرات المفقودين تحت الأنقاض. من جهتها، أعلنت حركة “حماس” استعدادها للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة مصرية وقطرية للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. وفي القدس، تسبب أداء مستوطنين إسرائيليين طقوسًا تلمودية قرب المسجد الأقصى تحت حماية الشرطة الإسرائيلية في توترات جديدة.

في لبنان، أعلن العراق عن تقديم هبة مالية قدرها 20 مليون دولار خلال زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى بغداد، حيث أكد الطرفان على ضرورة بناء نظام عربي متماسك قادر على مواجهة التحديات. أما على صعيد العلاقات الإقليمية، فقد أكدت مصر عبر وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، أنها تسعى إلى استخدام علاقاتها مع إيران لخفض التوتر في المنطقة، محذرة من الانزلاق نحو صراعات أوسع.

الشام سوريا لبنان

اقتصاديًا، خفّضت شركات الطيران العالمية توقعاتها لحركة النقل الجوي والأرباح للعام الجاري، في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية وتداعيات الحروب التجارية. وفي أسواق الطاقة، سجلت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا رغم زيادة الإنتاج من جانب تحالف “أوبك+”، وسط تصاعد المخاطر الجيوسياسية التي تؤثر على السوق العالمية.

بين الانفتاح العربي ومساعي الاستقرار الداخلي، وبين إعادة الإعمار وظهور ملامح تنظيمات متطرفة من جديد، تقف سوريا على مفترق طرق بالغ الدقة، حيث يشكل كل قرار خطوة حاسمة في طريق الخروج من النفق الطويل الذي خلفته سنوات الحرب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

موضوعات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى