«الاقتصاد الأسود: قوة خفية وتحديات التنمية في القارة الإفريقية»
"سلسلة مقالات لمركز العرب للدراسات والأبحاث، تتناول الوان الاقتصاد الإفريقي المختلفة، من الإقتصاد الأخضر، الأزرق، البرتقالي، الأصفر، الإسود، الأبيض، البني، الأحمر، الفضي، الأرجواني ثم الإقتصاد الرقمي"
رامي زهدي- خبير الشؤون الإفريقية
المقال الرابع: 4/11
مقدمة: تعريف الاقتصاد الأسود
الاقتصاد الأسود يُستخدم لوصف النشاطات الاقتصادية التي تتم خارج القنوات الرسمية، دون تنظيم أو رقابة من قبل الحكومات. يشمل هذا المصطلح السوق غير الرسمي (الاقتصاد غير المهيكل) وأيضًا السوق السوداء التي تشمل أنشطة غير قانونية مثل التهرب الضريبي، الاتجار غير المشروع بالسلع، والعمل بدون تصاريح.
في إفريقيا، يُعد الاقتصاد الأسود جزءًا كبيرًا من المشهد الاقتصادي، حيث يُساهم بشكل ملحوظ في توفير فرص العمل والدخل، ولكنه في الوقت ذاته يُشكل تحديات كبيرة للتنمية المستدامة.
توصيف الاقتصاد الأسود في إفريقيا
الاقتصاد غير الرسمي:
يشمل الأنشطة الاقتصادية التي لا تخضع للضرائب أو الرقابة الحكومية، مثل الباعة الجائلين، العمالة المنزلية، وصغار المزارعين.
السوق السوداء:
تتضمن أنشطة مثل تهريب السلع والبشر، الاتجار بالمخدرات والأسلحة، وتداول العملات الأجنبية غير القانونية.
التجارة عبر الحدود:
تُعتبر جزءًا مهمًا من الاقتصاد الأسود، حيث تتم عمليات تبادل السلع والخدمات بين الدول الإفريقية دون الامتثال للإجراءات الجمركية الرسمية.
أهمية الاقتصاد الأسود للقارة الإفريقية
- مصدر دخل للملايين:
يُعتبر الاقتصاد الأسود وسيلة أساسية لكسب العيش لملايين الأفارقة، خاصة في ظل غياب فرص العمل الرسمية.
- دعم الفئات الأكثر فقرًا:
يوفر السلع والخدمات بأسعار أقل، مما يساعد الأسر ذات الدخل المحدود.
- المرونة الاقتصادية:
يساهم في الحفاظ على حركة الاقتصاد حتى في أوقات الأزمات الاقتصادية والسياسية.
الوضع الراهن للاقتصاد الأسود في إفريقيا
حجمه وتأثيره:
يُقدر أن الاقتصاد الأسود يُمثل حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، وهو من بين أعلى النسب عالميًا.
القطاعات الرئيسية:
يشمل قطاعات الزراعة، التجارة، الحرف اليدوية، والتعدين غير الرسمي (مثل الذهب والمعادن النفيسة).
التحديات:
ضعف الإيرادات الحكومية بسبب التهرب الضريبي.
صعوبة تنظيم السوق وضمان حقوق العاملين فيه.
انتشار الجريمة المنظمة والفساد المرتبط بالسوق السوداء.
فرص نمو الاقتصاد الأسود في إفريقيا
- دمج الاقتصاد غير الرسمي:
من خلال إصلاح السياسات الاقتصادية، يمكن للحكومات دمج الأنشطة غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي، مما يزيد من الإيرادات ويحمي العاملين.
- التحول الرقمي:
تشجيع استخدام التكنولوجيا الرقمية مثل المحافظ الإلكترونية يمكن أن يُقلل من التعاملات النقدية غير الموثقة.
- تعزيز التعاون الإقليمي:
وضع سياسات مشتركة بين الدول الإفريقية لتقنين التجارة عبر الحدود والحد من التهريب.
- التعليم والتدريب:
توفير برامج تدريبية للعاملين في الاقتصاد الأسود لتطوير مهاراتهم وزيادة إنتاجيتهم.
مستقبل الاقتصاد الأسود في إفريقيا
يُمثل الاقتصاد الأسود تحديًا وفرصة في آنٍ واحد. إذا استطاعت الدول الإفريقية وضع سياسات فعالة لتحويل الأنشطة غير الرسمية إلى أنشطة رسمية، يمكن لهذا القطاع أن يُصبح محفزًا للنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. ومع زيادة التركيز على التحول الرقمي والابتكار، هناك إمكانية كبيرة لتقليل تأثيرات السوق السوداء وتعزيز الشفافية.
دور مصر في دعم إفريقيا في مواجهة تحديات الاقتصاد الأسود
كمحور استراتيجي في القارة الإفريقية، يمكن لمصر أن تلعب دورًا هامًا من خلال:
- تبادل الخبرات:
تقديم خبرات مصر في تحسين الإدارة الاقتصادية وتقنين الأنشطة غير الرسمية.
- المشاركة في المبادرات الإقليمية:
المساهمة في وضع سياسات موحدة لمعالجة التجارة غير الرسمية والتهريب عبر الحدود.
- تعزيز البنية التحتية:
دعم إنشاء مراكز تجارية وأسواق منظمة لتشجيع العاملين على الانتقال إلى الاقتصاد الرسمي.
التوصيات
- إصلاح السياسات:
وضع أطر قانونية وتنظيمية تُشجع على دمج الاقتصاد الأسود في الاقتصاد الرسمي.
- تعزيز الشفافية:
تطوير أنظمة رقابية تُقلل من الأنشطة غير القانونية.
- تشجيع الشمول المالي:
زيادة الوصول إلى الخدمات المصرفية للعاملين في الاقتصاد الأسود.
- التعاون الدولي:
العمل مع الشركاء الدوليين للحد من الجريمة المنظمة المرتبطة بالسوق السوداء.
- دعم المشروعات الصغيرة:
تقديم تسهيلات ودعم مالي للمشروعات الصغيرة التي تُشكل غالبية الاقتصاد غير الرسمي.
خاتمة
الاقتصاد الأسود هو سيف ذو حدين للقارة الإفريقية؛ فهو يوفر فرص عمل ودخل لملايين الأفراد، لكنه في المقابل يُضعف الاقتصادات الوطنية ويُعيق التنمية المستدامة. من خلال وضع سياسات شاملة وتعاون إقليمي ودولي، يمكن للدول الإفريقية تحويل هذا الاقتصاد الخفي إلى قوة إيجابية تدعم تطلعات القارة للنمو والازدهار.
بعد الإطلاع على المقال يمكنك متابعة مركز العرب على فسيبوك وتويتر وشاهد قناتنا على يوتيوب
