«الاقتصاد الأبيض: ركيزة الصحة والتنمية المستدامة في إفريقيا»
"سلسلة مقالات لمركز العرب للدراسات والأبحاث، تتناول الوان الاقتصاد الإفريقي المختلفة، من الإقتصاد الأخضر، الأزرق، البرتقالي، الأصفر، الإسود، الأبيض، البني، الأحمر، الفضي، الأرجواني ثم الإقتصاد الرقمي"

المقال السادس: 6/11
رامي زهدي- خبير الشؤون الإفريقية
مقدمة: تعريف الاقتصاد الأبيض
الاقتصاد الأبيض يُشير إلى الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بقطاع الرعاية الصحية والخدمات الطبية، بما في ذلك المستشفيات، الأدوية، التكنولوجيا الطبية، والرعاية الاجتماعية. هذا الاقتصاد يُعدّ عنصرًا أساسيًا لضمان رفاهية المجتمعات وتعزيز التنمية المستدامة من خلال تحسين الصحة العامة وزيادة الإنتاجية.
في القارة الإفريقية، التي تعاني من تحديات صحية كبيرة مثل الأمراض المعدية، ونقص الخدمات الطبية، وسوء التغذية، يُعتبر الاقتصاد الأبيض مجالًا حيويًا ليس فقط لتحسين الصحة، ولكن أيضًا لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
توصيف الاقتصاد الأبيض في إفريقيا
يتضمن الاقتصاد الأبيض في إفريقيا مجموعة من الأنشطة والقطاعات التي تشكل أساس النظام الصحي، ومنها:
- الخدمات الصحية:
المستشفيات، العيادات، والرعاية الصحية الأولية.
- صناعة الأدوية:
إنتاج وتوزيع الأدوية الأساسية واللقاحات.
- البحوث والتطوير:
تطوير علاجات جديدة وتكنولوجيا طبية مبتكرة.
- الرعاية الاجتماعية:
خدمات الصحة النفسية، رعاية كبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة.
أهمية الاقتصاد الأبيض للقارة الإفريقية
- تحسين الصحة العامة:
الاقتصاد الأبيض يساهم في مكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية، مما يؤدي إلى تقليل معدلات الوفاة وزيادة العمر المتوقع.
- تعزيز الإنتاجية:
صحة أفضل تعني عمالة أكثر إنتاجية واقتصادات أكثر قوة.
- خلق فرص عمل:
قطاع الصحة يوفر ملايين الوظائف في التمريض، الطب، الصناعات الدوائية، والخدمات المساندة.
- جذب الاستثمارات:
الطلب المتزايد على الخدمات الصحية يخلق فرصًا استثمارية للشركات المحلية والدولية.
- التكامل الإقليمي:
تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية في إنتاج الأدوية وتطوير السياسات الصحية المشتركة.
الوضع الراهن للاقتصاد الأبيض في إفريقيا
رغم التقدم الملحوظ، لا يزال الاقتصاد الأبيض في إفريقيا يواجه العديد من التحديات:
- نقص التمويل:
ضعف الإنفاق الحكومي على الصحة مقارنة بالاحتياجات المتزايدة.البنية التحتية المحدودة:
قلة المستشفيات والعيادات المجهزة لتلبية احتياجات السكان المتزايدة.
- هجرة الكفاءات:
نزوح الأطباء والممرضين المهرة إلى الدول المتقدمة بحثًا عن فرص أفضل.
- الأمراض المعدية:
استمرار انتشار أمراض مثل الملاريا، الإيدز، والسل.
فرص نمو الاقتصاد الأبيض في إفريقيا
الاستثمار في البنية التحتية الصحية:
بناء مستشفيات ومراكز صحية حديثة لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
- تصنيع الأدوية محليًا:
تعزيز إنتاج الأدوية واللقاحات محليًا لتقليل الاعتماد على الاستيراد.التحول الرقمي في الصحة:
استخدام التكنولوجيا الرقمية مثل الطب عن بُعد والسجلات الصحية الإلكترونية لتحسين الخدمات الصحية.
- التعاون الإقليمي:
إطلاق مبادرات مشتركة بين الدول الإفريقية لتحسين إدارة الأزمات الصحية ومشاركة الموارد.
- زيادة الإنفاق الحكومي:
رفع موازنات الصحة وتوجيه جزء أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لتحسين القطاع.
مستقبل الاقتصاد الأبيض في إفريقيا
مع تزايد الاهتمام العالمي بتعزيز الأنظمة الصحية بعد جائحة كوفيد-19، تمتلك إفريقيا فرصًا كبيرة لتطوير اقتصادها الأبيض. التركيز على الابتكار، الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والاستفادة من التكنولوجيا الرقمية يمكن أن يدفع بالقطاع الصحي إلى مستويات جديدة من الكفاءة والتأثير.
دور مصر في دعم الاقتصاد الأبيض الإفريقي
بفضل خبراتها في قطاع الصحة، يمكن لمصر أن تلعب دورًا بارزًا في تطوير الاقتصاد الأبيض في إفريقيا من خلال:
- نقل التكنولوجيا:
تقديم خبراتها في تصنيع الأدوية واللقاحات إلى الدول الإفريقية.
- التدريب والتعليم:
توفير برامج تدريبية للأطباء والممرضين الأفارقة في الجامعات والمستشفيات المصرية.
- المبادرات الإقليمية:
تعزيز التعاون في مواجهة الأوبئة وتطوير السياسات الصحية المشتركة.
- الاستثمارات الصحية:
تشجيع الشركات المصرية على الاستثمار في البنية التحتية الصحية الإفريقية.
التوصيات
- تعزيز الشراكات:
تشجيع التعاون بين الحكومات الإفريقية والقطاع الخاص لتحسين الخدمات الصحية.
- تحسين البنية التحتية:
الاستثمار في بناء مستشفيات ومراكز صحية مجهزة في المناطق النائية.
- التركيز على الابتكار:
دعم البحث العلمي في مجالات الطب والصحة العامة.
- زيادة الوعي الصحي:
تنظيم حملات توعوية لتحسين أنماط الحياة والوقاية من الأمراض.
- إدارة الأزمات الصحية:
وضع خطط استجابة شاملة للأوبئة والكوارث الصحية.
خاتمة
الاقتصاد الأبيض يُعد حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة في إفريقيا. الاستثمار في قطاع الصحة لا يساهم فقط في تحسين جودة الحياة، ولكنه يعزز أيضًا النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. ومع توفر الإرادة السياسية والدعم الدولي، يمكن للقارة أن تحقق قفزات نوعية في تطوير هذا القطاع الحيوي.