إشادات دولية بالتجربة الإماراتية
أبناء زايد يقودون قاطرة التنمية.. أبو ظبي أعادت الثقة للاقتصاد العالمي بعد كارثة كورونا
القاهرة- عبد الغني دياب
تجربة فتية فريدة، قوامها العلم، وساقها العمل، وعلى رأسها رجال مخلصون، بنوا خطواتهم بحرفية في قلب الصحراء، فبالقرب من خليج العرب صنع أبناء الشيخ زايد المؤسس، وإخوانهم في باقي الإمارات، تجربتهم التنموية الرائدة، لتصبح ثاني أكبر اقتصاد عربي، وفق تصنيف مجلة فوربس الأمريكية.
المجلة ذاتها قالت إن الإمارات حققت ناتجاً محلياً إجمالياً بلغت قيمته 401.5 مليار دولار في نهاية العام 2020، بالمقارنة مع 354.3 في نهاية العام قبل الماضي.
هذه التجربة الفريدة كانت حاضرة في جناح الصقور في معرض إكسبو 2020 بدبي، والذي أثبتت للعالم من خلاله أنه يمكن تجاوز أزمة جائحة كورونا المستجد، والتعايش معها، بل والتغلب عليها أيضا، كما حدث في الإمارات.
مسيرة 4 عقود من النجاح
مبكرا بدأت خطط التنمية في الإمارات، منذ ستينيات القرن الماضي، عندما أقدم حكام الإمارات على إنشاء العديد من اللجان والهيئات التي أسند إليها مهمة القيام بمشاريع تنموية على مستوى الإمارات في شتى مجالات الحياة، وجاء إعلان الاتحاد مع مطلع السبعينيات ليدفع بالمشاريع التنموية إلى الأمام بقوة في مختلف المجالات، التي شملت التعليم والصحة والإعلام والثقافة والعمران، وأيضا التجارة والصناعة والزراعة والبنى التحتية، وكذلك الرعاية الاجتماعية ومشاريع الإسكان وبناء المؤسسات السياسية والاهتمام بقضية المرأة.
وفي غضون سنوات قلائل تحولت الإمارات العربية المتحدة إلى دولة عصرية مزدهرة، حققت في عهد الشيخ (زايد بن سلطان آل نهيان) نهضة شاملة في كل الميادين، ولا تزال تسير على النهج نفسه في عهد خلفه الشيخ (خليفة بن زايد آل نهيان) رئيس الدولة بشكل متسارع يواكب تطورات العصر.
وأنجزت دولة الإمارات خلال العقود الأربعة من مسيرة الاتحاد بنية أساسية متطورة من شبكات الطرق والجسور والأنفاق والمطارات والموانئ وغيرها من مشاريع الهياكل الأساسية التي تمت إحاطتها بخدمات على مستوى جيد، كما أنجزت شبكة واسعة من الاتصالات الحديثة توفر أرقى خدمات وتقنيات الاتصالات في العالم، فلم يكن في الإمارات العربية المتحدة عند قيامها عام 1971 سوى ثلاثة مطارات صغيرة، أما اليوم فإنها تطل على العالم من خلال ستة مطارات دولية. تستوعب طاقتها نحو (16 مليوناً و500 ألف) راكب في العام، كما توجد على امتداد سواحل الإمارات العشرات من الموانئ البحرية تتعامل مع نحو (70 مليون) طن من البضائع والسلع سنوياً. وتنتشر منذ بضع سنوات تسع محطات للأقمار الصناعية تتبع مؤسسة الإمارات للاتصالات منذ إطلاق أول قمر صناعي عام 1999م ليغطي بخدماته نحو (93 دولة) ويوفر (2.8 مليون) خط هاتفي جديد. وتوفر اتصالات قبل أكثر من عشرة أعوام خدمات الهواتف الثابتة لأكثر من (مليون و20 ألف) مشترك، والهواتف المتحركة لـــــ (مليون و428 ألف) مشترك، وخدمة الإنترنت لنحو (250 ألف) مشترك، وزادت هذه الخدمات وتنوعت الآن بشكل كبير جداً ومتسارع، كما توفر الهيئة العامة للبريد الخدمات الحديثة من خلال (61) مكتباً، و(191) وكالة بريدية في الإمارات العربية المتحدة.
جنة في قلب الصحراء
وأصبحت تجربة الإمارات العربية المتحدة في الزراعة والتشجير من التجارب الرائدة في العالم، من خلال إمكانية تحويل مناطق صحراوية قاحلة إلى أرض زراعية خضراء منتجة، وأسهمت المشروعات الكبيرة التي نفذتها لحماية البيئة والتشجير وإقامة المحميات الطبيعية في التوازن البيئي ومكافحة التصحر عن طريق مضاعفة المساحات الخضراء وإقامة مشاريع الغابات، ما أدى إلى توفير بيئة صحية نظيفة وتقليل نسبة الرطوبة، وشرعت الدولة في وضع خطط لتنمية الصناعة الوطنية وتنمية استثمار الموارد الطبيعية.
واتجهت الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها إلى تطوير الصناعات كأحد المجالات التكاملية المساعدة على نمو الاقتصاد الوطني. ووضع حكام البلاد قواعد سياسة نفطية تضمن الاستثمار الأمثل لعائداته في عملية التنمية الشاملة، ومع بداية السبعينيات شهدت توسعاً في الصناعات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بالحركة الإنشائية والعمرانية، ثم انتقلت إلى المشروعات الصناعية الكبرى التي تقوم على النفط والغاز الطبيعي كمادة أولية، وحققت فيما بعد الصناعات التحويلية زيادة مستمرة في الناتج المحلي الإجمالي أدت إلى تكوين قاعدة صناعية تقلل من الاعتماد على عائدات النفط الخام وتقلل من حجم الواردات من الخارج.
إكسبو 2020 نموذج إماراتي ملهم
في تقرير لها سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء على معرض إكسبو 2020 الذي استضافته دولة الإمارات العربية خلال الأسابيع الماضية، مؤكدة أن جناح دولة الإمارات العربية المتحدة كان من أكثر الأجنحة الوطنية إثارة.
في تقرير مطول لها قالت الصحيفة في تقرير شامل إن الجناح الإماراتي المستوحى من شكل جناح الصقور، يرمز تصميمه إلى احتضان دولة الإمارات للمستقبل وانفتاحها على العالم.
وأوضحت أن الإمارات سعت لاستغلال هذا الحدث العالمي للترويج للدولة المضيفة والمنطقة، لأن هذا هو الأول من نوعه على الإطلاق في الشرق الأوسط أو في المنطقة بأكملها التي تحتوي أيضا على أفريقيا وجنوب آسيا.
ومن جهته قال أحمد الخطيب، رئيس التطوير والتسليم في المعرض: “في كل مكان تذهب إليه، تبدو وكأنها دولة الإمارات العربية المتحدة”.
وأشار إلى أنه بالطبع، يحتاج كل معرض في العالم إلى بعض الإبهار للإشارة إلى المستقبل وجذب الأشخاص إليه ومساعدتهم على استيعاب مشكلاته المعقدة غالبا، متسائلا: “هل كان أي شخص لا يزال يتذكر معرض باريس عام 1889 لولا برج إيفل؟”.
وأفادت الصحيفة بأن المعرض منذ بداية تاريخه كان بمثابة وسيلة لعرض القصص الملهمة من خلال الهندسة المعمارية والتخطيط والخبرة.
وأشار إلى أن المعرض الأول، الذي أقيم في لندن عام 1851، تحت مسمى المعرض الكبير لأعمال الصناعة لجميع الأمم، كانت رسالته -التي قيلت من خلال قصر الكريستال الزجاجي الذي أقيم فيه بحضور مئات العارضين- إظهار القدرات الصناعية المتزايدة في العالم وبشكل أكثر تحديدا، تلك الخاصة ببريطانيا.
فيما انطلقت نسخة المعرض في 1964/1965 والتي أقيمت في نيويورك تحت شعار “السلام من خلال التفاهم”، وكانت رسالتها لتوحيد العالم المنقسم من خلال رؤية مستقبلية لعصر الفضاء، والتي اعتقد الكثيرون أنها ستحل محل الأحقاد والمشاكل القديمة.
وقد شمل البرنامج الذي تقدمه منظمة الأمم المتحدة مشاركتها في مجموعة من البرامج وورش العمل والمعارض، التي تسعى إلى تعزيز أهمية الشراكات والتعاون بينها وبين الحكومات في جميع أنحاء العالم، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة بجانب القطاع الخاص والمجتمع المدني، في إطار يدعم أهمية التعاون الدولي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقد اختص جناح الفرص بتحديد أهداف تسعى لتحقيق التقدم في 3 مسارات وهي المياه، الغذاء، والطاقة، وتوفيرها كعنصر أساسي وضروري في المجتمع.
وقد جاءت موضوعات وبرامج جناح الفرص لتؤكد على أهداف التنمية المستدامة، والتي تعد على رأس الأهداف التي تسعى دولة الإمارات إلى تحقيقها بشكل ينسجم مع أهداف إكسبو 2020 دبي، وقد تم تحديد الخطوات التي من خلالها يمكن تحقيق التنمية المستدامة داخل المجتمع بداية من الاهتمام بتسليط الضوء على مساعي الدول لجعل التنمية المستدامة في صميم استراتيجياتها، وصولا إلى استقطاب ملايين الزوار لتوعيتهم وحثهم على الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويستهدف “إكسبو 2020” في دبي جذب 25 مليون زائر خلال فترة انعقاده التي تنتهي في 31 من مارس 2022، وتم بناء موقع “إكسبو” من الصفر على مساحة تتجاوز أربعة كيلومترات مربعة، أي ما يوازي نحو 600 ملعب لكرة القدم.
قاطرة للتحفيز والإبداع
من جهته قال سالم أحمد القيسي رئيس مجموعة القيسي في دبي: إن دولة الإمارات ستقود خلال «إكسبو 2020 دبي» قاطرة العالم للتحفيز على الإبداع والابتكار، كما يسهم الحدث العالمي في تحفيز النمو الاقتصادي العالمي وتنشيط معدلات السياحة وخلق فرص العمل واستقطاب الشركات والاستثمارات الجديدة.
وأضاف القيسي إن دولة الإمارات باستضافتها إكسبو تفتح الطريق أمام العالم للتعافي من جائحة كورونا على مختلف الصعد، فإكسبو هو أكبر تظاهرة عالمية تقام حضورياً منذ الجائحة، ورغم التحديات إلا أن دولة الإمارات برؤية قيادتها الرشيدة وكفاءاتها المتميزة قادرة على خوض غمار هذه التجربة بنجاح وتميز لتكون مثالاً يحتذى، كما كانت دائماً في تحفيز العمل الدولي الجماعي للتصدي للتحديات وتحقيق التنمية المستدامة للعالم أجمع.
بنى تحتية رائدة
وأشار إلى أن البنية التحتية عالمية المستوى في دبي تستقطب المستثمرين، واستضافة الدولة إكسبو تعكس المكانة الرائدة التي وصلت لها على الصعيدين الإقليمي والدولي وحجم الثقة التي تحظى بها، وما تتمتع به البلاد من مقومات لوجستية وبنى تحتية وبشرية رائدة وما حققته من تطور وتقدم أهَّلها لاحتضان هذا الحدث الضخم كأول دولة تحظى بهذا الشرف في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.
الإنسان هو الثروة
وقال القيسي إن إيمان دولة الإمارات بأن الإنسان هو ثروتها الأهم، وأن النشء بحاجة إلى تلقّي علوم ومعارف ومهارات تواكب المستجدات وتمكّنهم من الوصول إلى مستقبل مستدام من النمو والتنمية، جعلها تحرص على توفير مجموعة واسعة من البرامج الدراسية للاختيار، تلبي احتياجات الطلبة، وتعززها بمساقات نظرية وعملية، وفق بيئة تعليمية آمنة، ومرافق وصروح علمية وبحثية متميزة، من جامعات ومكتبات ومختبرات ومسارح، وأنشطة علمية وترفيهية، في أجواء تسهّل عليهم الاندماج مع المواد التعليمية والثقافات المتنوعة، وتسهم في تخريج أجيال قادرة على الاستعداد للمستقبل، وفق قاعدة أساسها أن «لا شيء مستحيل» أمام من يتعلم في دولة الإمارات وجامعاتها.
حيوية الإعلام
وأكد القيسي أن الإعلام المحلي يحظى بدعم كبير من قِبل قيادتنا الرشيدة التي تدرك الأهمية الحيوية التي يتمتع بها الإعلام كأداة لتعزيز هويتنا الثقافية، وفي ظل انتقال الدولة إلى مرحلة جديدة، بعد مرور نحو نصف قرن على تأسيسها، تبدو حاجتنا إلى المزيد من التطوير وخصوصاً مع وسائل التواصل الحديثة، لكي يكون الإعلام أكثر قدرة على التفاعل مع متطلبات تحقيق أولوياتنا الوطنية في الأعوام الخمسين المقبلة.
مستقبل واعد
وعلى المستوى المستقبلي تخطط الإمارات بشكل ريادي مبدع، حتى أن صندوق النقد الدولي توقع أن يتجاوز النمو في الناتج المحلي غير النفطي للإمارات هذا العام 3% وأن يشهد مزيداً من التحسن على المدى المتوسط، موضحاً أن تعافي اقتصاد الإمارات من تداعيات «كوفيد 19» اكتسب زخماً، ساعد في تحقيقه التجاوب المبكر والقوي من جانب حكومة الإمارات مع الجائحة، برنامج التطعيم باللقاحات المُضادة للجائحة إلى جانب زيادة النشاط السياحي وأنشطة القطاعات الاقتصادية الأخرى المرتبطة بفعاليات «إكسبو دبي».
وبحسب تقرير أصدره عدد من مسؤولي الصندوق في ختام الجولة الرابعة من مناقشاتهم مع حكومة الإمارات من 14 إلى 28 من سبتمبر الماضي ونشره الصندوق على موقعه الشبكي، فإن السلطات في الإمارات تحركت بسرعة للتعامل مع الآثار الصحية والاقتصادية الناجمة عن تفشي «كوفيد 19»، وعليه، بدأ تعافي اقتصاد الإمارات يتعزز، وخاصة بعد أن نجحت الدولة في تطعيم 95% من سكانها بجرعة واحدة على الأقل من تطعيم مُضاد للجائحة.
وأضاف التقرير إنه بالحديث عن النظرة المستقبلية، فإنه من المتوقع أن يواصل التعافي الاقتصادي بالدولة ارتفاعه التدريجي خلال الربع المتبقي من العام وسيحظى بدعم من استمرار الحكومة في انتهاج سياسات الاقتصاد الكلي الداعمة والتحفيزية، والانتعاش في السياحة والقطاعات المرتبطة بـ«إكسبو دبي» ما يعزز توقعات نمو الاقتصاد غير النفطي هذا العام بنسبة تتجاوز 3%.
وفيما يخص الناتج المحلي النفطي للدولة توقع التقرير أن يواصل نموه مع زيادة إنتاج النفط وأنه من المتوقع أن يؤدي ارتفاع النفط إلى تعزيز الموازنتين المالية والخارجية للإمارات.
وأشاد التقرير بالتحرك السريع من جانب المصرف المركزي في اتخاذ تدابير تدعم اقتصاد الإمارات وتحفزه في مواجهة الجائحة فور تفشيها، ووصف سياسة المصرف في التعامل مع أزمة الجائحة بأنها واضحة واستباقية، وأكد أنها لعبت دوراً حيوياً في تسيير الأحوال الاقتصادية بالدولة طوال فترة الأزمة. وأضاف التقرير إن سياسة المصرف ساهمت في احتفاظ كلٍ من السيولة والرسملة في المنظومة المصرفية بالدولة بقوتهما الأمر الذي توقع التقرير استمراره.
بعد ان تناولنا موضوع إشادات دولية بالتجربة الإماراتية يمكنك قراءة ايضا
ليلى موسى تكتب.. تركيا ومغزى التواقيت
ليبيا في أسبوع.. المصرف المركزي يلتئم.. وقضاء تونس يبدأ التحقيق في تسليم البغدادي المحمودي
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك