أحمد الجويلي يكتب.. شروخ غربية تتبعها الثقافة العربية!
الكاتب باحث مشارك في مركز العرب للدراسات.. خاص منصة العرب الرقمية
أحمد الجويلي الثقافة العربية!
إذا كانت الاستراتيجيات العالمية في تناغم مستمر نحو تحقيق هدف واحد منشود وهو تحطيم كل الهويات المحيطة حتى يتم خلق هوية جديدة تجمع كل البشر تحت راية واحدة فإنه لابد البدء بالاقوى مع الاستمرار في مد جذور الفكر الزاحف، وبالرغم من حدة الصراع الحضاري الممثل على أرض الواقع في العالم فإن الهدف هو الهوية العربية لأنها الاقوى، وكان لابد من تحديث الدراسات لهؤلاء العرب الذين قد توحدوا على هدف واحد كسر العجرفة الاستيطانية في الشرق على مرأى من عيون من كانوا يظنون أنها ستظل مدى الدهر!.
فالهوية عند العرب ليس بمعناها التقليدي المعروف أنها السمات المشتركة التي تجمع بعض البشر أو أنها الخلفية التي يتعايش معها البشر في ذات الإتجاه، بل إنها في وجهة نظري المرآة الحقيقة والذمة التي ربما لا يعلم أبناء جيلنا شيئاً عن معناها الحقيقي عند العرب لكن بالطبع هي موجودة في الجينات حتى لو لم يعلم عنها أحد.
والسر الدفين الذي لا يعلمه إلا أصحابه ممن هم داخل الدائرة وفي نظري اللاعب الرئيسي في وحدة الهوية هي اللغة العربية لذلك كانت أولى الخطوات الطعن في العربية فحاول المُحتل عبر العصور بداية من مصر وحتى جميع الدول التي قد تم احتلالها استبدال اللغة العربية بلغة المُحتل.
وحالما اثبت فشل هذا المخطط اكتشف العلماء أنهم قد دخلوا بشكل مبالغ فيه وان التغريب لا يأتي في يوم وليلة ولا بالعنف وحالما قرروا أن يسحبوا قواتهم من الشرق يوماً ما كان انسحاباً تكتيكياً ليس إلا وكان استعداد لغزو آخر ..
عبر اكساب البشر ثقافة الغرب وتسطيح اللغة واعتبار كل من لا يملك أدوات اى من اللغات الغربية جاهل بطبعه وكانت هذه أولى الخطوات الجادة لكسر الهوية العربية، فإنك إذا امتلكت لغة أجنبية غربية ووجدتها هي الأسهل والحاضرة في الأذهان عن لغتك الأصلية كانت المكاسب أعظم.
أولاً بشكل لا إرادي جهلت من حولك وانفصلت عنهم ببساطة لشعورك بأنك لست منهم أو أنك فوقهم!
ثانيا انفتحت بشكل أكبر على من هم مشابهين لك ويمتلكون نفس الأدوات التي تمتلكها في الحوار والفكر والرأي والتعبير .. ولعمرِ انها هي القاصمة المُهلكة.
و البوابة الثانية لكسر الهوية الأصعب في الوجود .. هي الربط الخاطئ الفكري لمفهوم “المدنية والتمدن” أو “الحداثة” بالثقافة الغربية لحسم صراع الهويات والثقافات الأصيلة وهو أيضا ما تم تحريفه وربطه بالمتشددين من كل الأديان، ومن ثم وأطلقوا عليه “الأصوليين”، وهذا ما يريدون الوصول إليه أن كل من يخالف العادات والثقافات الدخيلة ويلتزم بالهوية الأصيلة المرتبطة بالأديان السامية هو التخلف بعينه ولو كان متقدماً…
واستبدال الأصل بالعادات والتقاليد المنافية لتعاليم الإسلام الذي خرج من أرض العرب والمسيحية الحقيقية التي خرجت من بيت لحم في فلسطين المُحتله .. أي أنها خرجت أيضا من الشرق وأقول انه منافي حتى لتعاليم اليهودية والألواح الشريفة التي هبطت في جبل الطور في سيناء مصر أي أنه من الشرق أيضاً، إذا الحرب ليست على الإسلام وحده وتعاليمه السامية بل حرب على جميع الأديان السامية واستبدالها.
ومن ثم تحريف الأمور والطعن في الثوابت والوصول لربط التمدن بالعلمانية وهو المدخل الثاني الذي يجهله كثير من المُحبين والمشجعين الدائمين لفكر العالم الغربي المتحضر بحد قولهم وما يحزنني أن اجد مريدين لهذه النظرية يجعل طالب العلم صاحب الحضارة الأقوى ينزع عن نفسه عباءة القوة الأصيلة ويتمسك بالهوية الغربية لكي تُكلل جهوده بالنجاح.
فيجد نفسه تلقائياً يطلب علماً ذو النموذج العلماني حتى لو كانت الأدلة في الأديان أكثر قوة وتحديداً واقناعاً، وبالرغم من أنه نموذج سبب شروخ ضخمة في النظام الاجتماعي الغربي، نجد له مريدين ومؤيدين ومن هم مدفوعين لتلك النظرية بالمال أو بقوة التأثير والحضور الإعلامي، ومع ضعف الثقافة والدين يحدث الانحدار و يعيث الفساد والإفساد، وأثناء رحلتي الحوارية مع مريدي تلك النظرية وعند ذكرهم لأسباب تأييدهم لذلك النموذج فتجد انها اسباب تتعلق بالعقلية لا الدين أو العادات والتقاليد ومعوقاتها الفساد لا غير.
ويكون ردي أن العلمانية تُخرج الدين من المعادلة فمثلا إذا وافقت على تلك النظرية وقلت أنني مؤيد للمثلية الجنسية هل بذلك المبدأ اكون على خطى اختراع مرض يشفي تماما من مرض السرطان أو الإيدز، هل يوقف نزيف الدماء الذي يتسبب به البشر ببعضهم البعض بغير حق على سطح هذا الكوكب بل وإفساد الكواكب الاخرى!؟
وهل عدم اعترافي بالمثلية الجنسية يعوق العالم من الاستمرار مضياً نحو تحقيق الابتكار، وهل يكون هو من يعيق السلام؟
فيكون ردهم لماذا تفكر في تلك الجوانب فحسب انت عقليتك سيئة دعنا نتفادى تلك النقاط!
فأقول هل العلمانية والتي تُعد في الأصل هي الحركة الإجتماعيّة التي تتّجه نحو الاهتمام بالشّؤون الدُّنيويّة بدلًا من الاهتمام بالشّؤون الأخروية، والتي تُعتبر جزءًا من النّزعة الإنسانيّة الأصيلة، الدّاعية لإعلاء شأن الإنسان والأمور المرتبطة به، بدلاً من إفراط الاهتمام بالعُزوف عن شؤون الحياة والتّأمّل في الله،
هل هذه تناسب طبيعتنا هل هو سبيل للنجاح أم أنه سبيل للانحدار الأكبر نحو الفساد والغرق؟ وإذا كانت جميلة ومفيدة فلماذا نضع القوانين الوضعية ولا نعيش في الحرية المُطلقة دعت لها العلمانية الشاملة؟
ولماذا يدفع العالم كله بل والأديان ثمن ما فعله حفنة فاسدين أنشأوا ما سمي بـ محاكم التفتيش في أوروبا في عصر من العصور؟
والسؤال للعرب لماذا نحن ننجرف نحو شئ ليس لنا علاقة به على الإطلاق لماذا ندفع ثمن شرخ عميق ومؤلم في تاريخ الغرب .. نتج عنه تصدعات اجتماعية وثقافية لا ناقة لنا فيها ولا جمل! كلها أسئلة منطق لمن لديه منطق، وعجز ساكتاً من خرج عن إطار المنطق، والتشويش سمة مقصودة للعصر، حتى تكون تائهاً، لا تفهم نموذجهم بشكل كامل وتتعامل به عارفاً مقتنعاً ولا تسير بطريقتك ذات القيمة السامية التي تخرج من سراج إلهي مُنير والقصد في ذلك هو التيه لانه لا تقدم مع تيه!
بداية من الدخول في مرحلة الازدواجية في المعايير ثم التيه الكامل لكل فرد على حدى وكل هذا من أجل أن يدخل العالم كله في تيه وظلام دامس بفكر وهوية جديدة، وأقول أنه يتم إلقاء بذور أشجارها الفاسدة الواهية بشكل زاحف من الآن، ومن ثم ويأتي يوما معلوم يخرج فيه علينا من يقول آلا أدُلكم على شجرة الخُلد ومُلك لا يبلى.
آلا أدُلكم على التحَضر والثقافة والحرية والإباحة وإصلاح كل ما عجزت الأديان عن إصلاحه وقد يستطيع أن يُزيل العقبات لأن صانع العقبات أول من يستطيع إزالتها! والتي إذا نظرنا لها بعمق سنجد أنه ليس عجز الأديان بل عجزنا نحن عن إيقاف شهية اطماعنا، واخيراً اقول طاعة الله هو السبيل الأوحد للحياة والأديان هي النموذج الأنسب نحو الاستقرار .
ولا يَصح أن نقتدي بنظام مريض اتبعه بسبب معاناته من ماضيه، واتبع هُويه نتج عنها عِلل ضخمة في نظامه الاجتماعي وخَلل ثقافي ويريد أن يُصدره لنا ونحن بكل هدوء نتقبله!
بعد ان تناولنا موضوع أحمد الجويلي الثقافة العربية! يمكنك قراءة ايضا
المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء يكتب.. الصلاة على النبي
الإمارات في أسبوع.. إشادة امريكية بأنظمة الدفاع الجوي لأبوظبي وأسهم موانئ دبي تقفز في أول يوم تداول
يمكنك متابعة منصة العرب 2030 على الفيس بوك